ترجلوا لو سمحتم..
جمال الظاهري
ما الذي فعلناه¿ وما الذي لم نفعله¿ من أجل وقف ماكينة القتل الهمجي الذي تمارسه دول التحالف العربي ومن يتواطأ معهم أو من بقية دول العالم التي تغض الطرف أو تعتبر الأمر لا يعنيها¿
بالتأكيد هذا السؤال يعني بالدرجة الأولى قادة الكيانات السياسية والشخصيات المجتمعية النافذة التي تدير هذه المعركة التي فرضت علينا كشعب يمني.
بالنسبة للمعركة على الأرض الأمر واضح ورغم الفارق في العدة والعتاد فإن الجميع وأعني ممن يؤمن بقضيتنا وبحقنا في تقرير مصيرنا كيمنيين لم يبخلوا ولم يقصروا شبابا وشيوخا ونساء وحتى الأطفال مرورا بأفراد جيشنا وأمننا الأبطال وقبائلنا, ما يعني أن وضعنا في هذه الجبهة عشرة على عشرة كما يقول إخواننا المصريون, ولكن ماذا عن حالنا في بقية جبهات الصراع الأخرى¿
صحيح أن الجبهة العسكرية الداخلية والسيطرة على الأرض مهمة جدا وتعطينا امتيازا استراتيجيا, كما أنه يمنحنا ورقة قوية في وجه الخصوم إن أحسنا استخدامها في إدارة بقية الملفات, فهل أحسن قادتنا استخدامها فعلا¿ وهل نستطيع أن نعول عليهم في ترجمة هذا التفوق الميداني على المستوى الدولي في شرح قضيتنا وفضح زيف ادعاءات المعتدين وتبديد أوهام وحجج عدوانهم¿
ها نحن ندخل الشهر الخامس وشعبنا يقتل بقذائف طائرات التحالف, ولا تمر ليلة أو نهار دون سقوط العشرات من الضحايا المدنيين والعسكريين وتدمر المنشآت والمصانع والمنازل وتقصف الطرق ويشرد الأبرياء ويهجر الأهالي دون أن نسمع أو نقرأ أو نلمس موقف مساندة أو إدانة أو استنكار من دولة هنا أو هناك, حتى الشعوب والمنظمات الإنسانية والحقوقية لا يكاد يظهر لها موقف ولو بسيط تجاه ما نتعرض له, لماذا¿
من المؤكد أن هناك خللا كبيرا في الأداء في بقية ملفات الصراع!, وهنا يحق لنا أن نتساءل ونستفسر عن السبب وعن من يدير هذه الملفات ( السياسية – الإعلامية – الحقوقية – الجنائية ووو الخ) .. بالمجمل وباختصار شديد ما هو سبب فشل ساستنا في إدارة ملف العلاقات الدولية والإعلامية¿
نعم نحن تعرضنا لمؤامرة كبيرة ونحن نواجههم مع أن لديهم من الإمكانيات المالية والعسكرية والعلاقات المتشابكة في المصالح مع الدول الكثير .. وصحيح أيضا أننا أخذنا غدرا (على حين غرة) ولكن وعلى الواقع لدينا أوراق يمكن أن نزحزح بها ونؤثر على الكثيرين وأهمها السيطرة على الأرض وإيماننا بشعبنا وتمسكنا بأرضنا والاستعداد لتقديم المزيد من التضحية.
لدينا المواثيق والقوانين الدولية والإنسانية, لدينا ملف الجرائم والمجازر التي ترتكب يوميا ضد المدنيين والأطفال, ولدينا أخطاء سياسية وحقوقية لا حصر لها يرتكبها العدو يوميا يمكن العمل عليها بجدية على المستوى الدولي الرسمي والشعبي وعلى مستوى المؤسسات الإنسانية والحقوقية التي ربما يكون المال قد حاد بها عن القيام بواجبها التي انشئت من أجله.
أصدقكم القول أني حين أراجع الأداء السياسي والحقوقي ووتيرته وتأثيره على مواقف الدول أجده لا يكاد يبين فأشعر بالإحباط, ومن ثم اسأل نفسي ما الفائدة من التفوق الميداني والسيطرة على الأرض وعن جدوى الاستمرار في التضحيات الجسيمة التي يقدمها شبابنا المرابط في مختلف الجبهات ما دام أن ساستنا وقادتنا في الداخل عاجزون عن ترجمتها على المستوى الدولي والإنساني في اقل تقدير¿
ملف آخر في الصراع (الإعلام) .. حين أتصفح أو أتابع الفضائيات وما تتداوله الوكالات الإعلامية الدولية ولا أجد من يتحدث عن ما يتعرض له شعب بأكمله ولا أجد حتى صورة لطفل مزقته قذائف الحقد الأسود أو تركه أهله في هذه الحياة وحيدا بين الركام أشعر بغصة وضيق يكاد يخنقني من حالة العجز أو التقصير أو اللامبالاة التي يتعامل بها من يدير هذا الملف ..
بالله عليكم يا من يمسك ويدير دفة المواجهة كيف تريدوننا أن نستمر في تقديم التضحيات وأنتم عاجزون عن اختراق قناة إعلامية هنا أو هناك, اسأل نفسي كيف يستطيع هؤلاء التأثير على قادة وساسة العالم وهم عاجزون عن نشر صورة عن واقع الحال وإيصالها لبقية شعوب العالم¿
قد يقول أحدكم نحن محاصرون أو ليس عندنا مال أو أو .. وهنا أجيب مسبقا هذه الأعذار لا مكان لها ولا مسوغ حتى في حال التبرير للعدمية التي تعيشونها..
السيطرة الميدانية والتضحيات تحتاج إلى من يترجمها واقعا وإلا ما الفرق بين من يمتطون الكراسي الرفيعة ويوصفون بالقادة والساسة وبين يمتطي حماره في أحد دروب قريته .. بل إن من يمتطي الحمار لجلب حاجة أهله ولا يعرف غير محراثه وعنزته أنفع وأجدى منكم’ والأولى بكم أن تترجلوا من شرفاتكم العالية وتحملون بنادقكم إن كنتم تجيدون استخدامها وتتركون لغيركم هذه المهام علهم يستطيعون أن يفعلوا شيئا قد عجزتم عنه, ترجلوا لو سمحتم أو فلتقوموا بواجبكم.