مؤسسات وطن

عبدالسلام الحربي

الوطن ملك الجميع  والمكاسب والإنجازات والانتصارات اليمنية التي تحققت لليمن منذ قيام الثورة السبتمبرية الخالدة في السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962م وتضحيات أبنائها الأوفياء وضباطها الأحرار من أجل إسعاد هذا الشعب العظيم وتحريره من ربقة السلاطين وجبروت الظالمين على عزة وكرامة وتطور ورقي وطن يزخر بكل مقوماتها وشعب يتطلع إلى الجديد والأفضل في كل مناحي الحياة الكريمة الخالية من كل أشكال الوصاية وإدعاء العظمة وغرور الانتساب إلى مذاهب آدمية أو دينية وغيرها من المذاهب والمصطلحات التي نشاهدها الآن في بعض شرائح مجتمعنا اليمني فرقت بين هذا وذاك وبمسميات نسبتها إلى من كانوا من خيرة البشرية في الرفق والرحمة والمحبة والتسامح وكانوا خير مثال لأمة الإسلام في التعاطي مع قيم الدين وتعاليمه السمحة في حياة الناس وواجباتهم نحو الدين والوطن والمجتمع بآيات وأحاديث أكدت على وجود الإنسان وواجباته في الحياة بطرق إسلامية جعلت الجميع سواسية لا فرق بين هذا وذاك إلا بالتقوى.
ومن هذا المنطلق ومثلما الوطن يتسع للجميع وينتمي إلى تراب أرضه وينتسب إلى كنيته الواسعة فلا يحق لأحد أيا كان إدعاء الوصاية عليه أو أقصاء الآخر أو تسخير خيراته أو ثرواته لصالحه تحت أي مسميات كانت حتى ولو كانوا على قمة الهرم الوطني .. باعتبار أن من وصلوا إلى ذلك هم من  منحوا ثقة الشعب في خدمة البلاد والشعب الأرض والإنسان ..  وخصوصا واليوم أن الشعب قد شب عن طوق عن حياة الركود ونفض غبار الوصاية والمناطقية فاليمن حر بفطرته وفخور بانتمائه وأصيل بإيمانه وعروبته لا يرضى الركوع إلا لله وحده ولا يخاف في الله لومة لائم فيمن يمارسون هيمنة العنف ومنطق القوة بكل أشكالها مهما كانت الظروف واستغلال أحداثها الراهنة للسطو على مقدراته وحقوقه القانونية التي هي جزء من الوجود وواجبات الحياة اليومية .. يرفض سياسة التجويع ويمقت أي ممارسات أو أعمال تحد في التحكم بمقدرات الوطن وأبنائه الذين ظلوا سنوات طويلة تحت أركان الهيمنة وخط الفقر والبطالة يفتقر إلى أبسط احتياجاته الأساسية التي لا غبار عليها أو اختلاف في حيثياتها مهما كانت الأسباب والمسببات والأحداث التي قد تعترض الوطن ..  من الداخل أو من الخارج .. لكنها لا تعفي أحدا سواء في السلطة أو المعارضة أو من يدعون الشراكة أو حب الوطن والشعب والذي يفترض عليهم أن يكونوا أكثر وعيا لواقع التغيير والحياة نحو الأفضل جاء من رحم معاناة وهموم وإقصاء وتهميش للآخر وأساليب غير إنسانية تتنافى مع قيم التعايش وحرية الرأي والرأي الآخر .. المهم فيها عدم تجاوز بعض الخطوط التي تخل بالوطن وأمنه واستقراره وسلامة أراضيه أو العمل لأجندة أيا كانت داخلية أو خارجية .. لأنها في الأخير تعتبر خيانة عظمى في حق الوطن والشعب.
وبعيدا عن التعصبات بكل ألوانها وأطيافها ومصالحها فإن واقع الحال يبتغي كل هذه الأساليب التي تشهدها بلادنا ومقدرات ومصالح الوطن والشعب .. باعتبارها ملك الشعب كل الشعب يجب على الجميع الوقوف أمامها .. فالأوضاع الصعبة التي لحقت بالوطن والمواطن لا تحتمل مواقف القوة والعنف .. يستوجب على كل القوى والأطراف تخفيف معاناة الناس وأحقاق ما هو منطقي ومشروع من مطالبهم وإزالة مظاهر الظلم والمعاناة الاقتصادية واتخاذ خطوات جادة ومسؤولة لإنقاذ  ما تبقى من مقدرات ومصالح الوطن والشعب جراء الأحداث والعدوان السعودي على بلادنا وأبناء الشعب اليمني.. الذي خلق أحوالا وظروف اقتصادية صعبة لدى المواطن اليمني.. نزولا عند رغبات انتقامية حاقدة من الداخل ودوافع وأغراض وثارات لا تلتقي أبدا والمصلحة العامة لهذا الوطن والشعب.. والذي يريد جرنا اليوم إلى صفه بأي حال من الأحوال وعلى حساب أية قيم أو نتائج لا تلزمنا نحن اليمنيين ولم تعد مقبولة في أرضنا تلك القوى التي باعت قيم شعبنا واستباحت أرضنا وسيادتنا من قبل تلك القوى والجماعات التي ظلت تراوح وتراهن علينا سنوات طويلة وهي اليوم نفسها لا تزال في متسع من أمرها ومآربها تصفي على حساب وطن وشعب ينتظر لحظة الانفراج وساعات الحسم لإيقاف والعدوان وأحداث المشهد اليمني بكل حيثياته وتداعياته.. وإعادة النظر فيما أملته علينا الشهور الماضية من عمر التغيير وتطلعاتنا إلى الأفضل الذي تحول إلى واقع هامشي مدمر ذهب بنا إلى حيث لم نكن ننوي أن نقصد.. وحب الوطن لن يكون كما يصوره لنا أصحاب السياسة أنه بناء للمستقبل الذي أنعكس إلى تدمير وتقويض مادام خاليا من البناء الفعلي والإيجابي البعيد عن  وضع الحسابات الشخصية والحزبية والمذهبية والمناطقية..
وفي الأخير .. يجب على الجميع أن يدركوا أن الوطن لا يبنى إلا من الجميع والأماني لن تتحقق إلا بقيم الحب والتصالح والقبول بالآخر من أجل بناء المستقبل والبناء التقدم والنهوض الحضاري في كل أرجاء اليمن السعيد..

قد يعجبك ايضا