البلطجة الإعلامية ..!!

عبدالله الصعفاني

ما أكثر الوجوه التلفزيونية الفضائية ذات الملامح الثلجية والتعبيرات الحركية الجامدة وما أكثر حصتها في بنك الجرأة على عقل المشاهد وضميره ثم ما أقل رصيدها في بنك الحياء الذي هو أحد ملامح الإيمان .

·     ومن موقع المشاهد المراقب لهذه الوجوه أجزم بالاعتقاد أن البلطجة ليست فقط في رمي الآخرين بالبلاط كما هو حال التعريف لأصل كلمة البلطجة وإنما هي في ما هو أخطر حيث يمكن أن تكون إعلامية وسياسية .

·     كنت أظن أن بلطجي الإعلام الفضائي يكتفي من البلطجة بإخفاء همجيته الإعلامية وراء الكلام المنمق وأصباغ الوجه وحركة الحواجب والإبهار بتناغم ربطة العنق مع البذلة مع أضواء استديو الإنفاق الباذخ إلى أن استلفت نظري أحد هؤلاء وهو لا يأخذ بالقول ” وإذا ابتليتم فاستتروا ” وإنما يرعد ويزبد متحدثا أنهم قبضوا عليه في مطار أوربي فقط بتهمة الاختطاف والاغتصاب والسرقة .. لا حول ولا قوة إلا بالله وشديد الاعتذار من كل الصائمين .

·     إنها ذات اللهجة التي طالما سمعناها من مقدم برامج وهو يجلد ضيفه في الاستوديو قائلا : لا تزايد ولا تناقص ولا تتفلسف أنت هنا لتجيب على أسئلتي فقط ما جعلني أتفاجأ متصورا أن هناك من دس عقربا داخل بنطلونه ( لست مسؤولا عن اتجاه تفكيركم مباشرة إلى قنوات الجزيرة والعربية والحدث ) .

·     والقضية برمتها تتصل بمواصفات المذيعة والمذيع المطلوبين لقنوات لا تراعي في الحقيقة إلا ولا في الموضوعية والمهنية الإعلامية ذمة .. القضية أكبر من القول بأنه من غير المنطقي الحديث عن إعلام غير موجه لأن هناك فرقا هائلا بين إيفاء الإعلامي باستحقاقات الاتجاه الفكري والسياسي للقناة أو الصحيفة وبين تعامل أبناء المهنة الإعلامية مع وظائفهم بدون الحد الأدنى من المهنية حيث لا موضوعية ولا مهنية ولا حتى آدمية في احترام عقل المشاهد الذي ربما كان شاهد عيان على ما يمارسه الإعلامي وقناته من الدجل والتضليل .

·      وأكبر دليل أن الحرب العدوانية أثبتت بما لا يدع مجالا لأي التباس أن قيما أخلاقية ومهنية كثيرة تحولت إلى سلع قابلة للبيع والشراء بما يذكر بهزلية عادل إمام في مرجان أحمد مرجان عندما اشترى الجامعة وإدارتها وشهادتها بل وتزوج أستاذته التي طالما رأت فيه بؤرة للانتهازية والوصولية .

·     إننا أمام إمبراطورية إعلامية فاجرة تدمر الأجهزة العقلية والعصبية لجزء كبير من الشارع العربي بواسطة قنوات مخادعة لا تقول الحقيقة أو نصفها أو ثمنها وإنما تتنفس الكذب باحترافية عجيبة .. وحتى قبل أن يحدث ما يحدث اليوم من تحول قنوات إعلامية كثيرة وإعلاميين يصعب حصرهم إلى أبواق مدهشة للتزييف والتضليل بالتزامن مع شراء الذمم وإغلاق النوافذ الإعلامية للآخر وهي البسيطة عددا أو عدة وجاهزية احترافية وفنية .. كان الكاتب المصري وحيد حامد قد شخص أحوال القنوات العربية بأنها إذا كشفت قناة عن ساقها كشفت الأخرى عن مناطق أخرى .

·     أصوات إعلامية مرتفعة ومنابر تقصف الحقيقة في النشرة والموجز وسياسات تشتري القناة أو تخترقها بشراء مواقف المذيعين وتقصف وتكمم في أماكن أخرى فإذا استضافت الطرف الآخر جعلته في مواجهة مع ثلاثة ضيوف يمثلون وجهة نظر الممولين فإن نافح وكافح الضيف اليتيم صدموه بالإغلاقة الشهيرة : شكرا جزيلا .. لقد داهمنا الوقت .. كنت معنا من صنعاء .

قد يعجبك ايضا