من ربيع ألفين وأحـú “داعöش”.. إلى عاصفة العدوان

محمــد محمــد إبراهيـــــم

لم يكن وضع اليمن أفضل من تونس ولا من سوريا ولا من ليبيا من حيث الواقع الاقتصادي والمعيشي وعوامل النماء والاعتماد الذاتي لكن اليمن كانت مختلفة عن هذه الدول- وإن كان معظمها جمهوريات- من حيث النظام السياسي القائم على التعددية والديمقراطية والقبول بالآخر والتعايش بين المختلف والمتناقض تحت ما يعرف بوحدة التنوع..
صحيح قد يقول أحدهم ممن شمروا سواعد تدمير الأرصفة والاعتداء على المحلات التجارية وشبكة الكهرباء والطرقات واستهداف الجنود الأبرياء –الذين ينتمون إلى كل قرية يمنية إن لم نقل إلى كل بيت وأسرة- أنه نظام أدار البلاد أكثر من 33 عاما وعبث بالموارد وغيرها من اللافتات لكن ذلك لا يغير من واقع أن ذلك النظام لم يقص أحدا..
نعم كانت اليمن ضعيفة وتحتاج إلى ألف ثورة وثورة ولكن بنيوية وليس ثورة فساد كل محركاتها قوى تدعي البراءة من نظام هي كل فساده الجميل حين كانت تحت مظلته وفساده الكارثي واللاأخلاقي حين غدت ثائرة عليه متاجرة بدماء الشباب الطامحين إلى فرص العمل لتبني معادلة خاطئة أودت بها رياح 21 سبتمبر 2014م التي حملت شعار مقاومة الفساد وإيقاف مسلسل تجريع المواطن وغيرها من نتائج مآسي الربيع..
الربيع الذي خرج منه الوطن متطلعا لقيادة سياسية جديدة تعقب قيادة سياسية رأت هي الأخرى ضرورة التنازل عن السلطة لتلبية هذا الحلم الكبير والمرسوم على إيقاع لغة كانت تعبر عن كبر الأحلام لكنها مطاطية المعنى والمبنى فالواقع اليوم استحال ضحايا ومآسي كل منبعها “ربيع العروبة المغدورة بخيانات العرب دائما”..
 ولم يكن أمام الجميع سوى الولوج لتسوية سياسية أنتجت قيادة سياسية جديدة كل هدفها المرسوم أمام ناخبيها التغيير نحو الأفضل.. وكان على النظام السابق تحمل لعنة الجماهير عن طيب خاطر في حال حصل ذلك التغيير إلى الأفضل.. إذ سارت الأمور حسب ما هو مرسوم لها من قبل كل أعداء السلام والأمان والتعايش وهواة السلطة كمغنم وأرباح لا أكثر داخليا وخارجيا..
 فالشباب الباحثون عن فرص عمل والذين أوهموا بامتلاك الثورة وجدوا أنفسهم بلا عمل ولا ثورة بعد أن خرجوا من الجامعات مطالبين بالتغيير السلمي الكفيل بإصلاح الخلل الذي استنزف ثروات البلاد وأفرز البطالة المؤهلة بالآلاف واحتكر فرص استثمار الموارد السخية وفق عقود واتفاقيات متخمة بالفســاد والاحتكار الجائر والمقنن المحمي بقوى النفوذ المسيطرة على قرار البرلمان..
هذه تسمى احتجاجات أو حتى ثورة بكل تأكيد.. لكن حين تقفز رموز الفساد والاحتكار والنفاق الإعلامي المرافق والمروج دائما لنجاحات صفقات فساد تلك الرموز إلى صفوف الشباب وتعلن للشعب وصايتها عليه وأنها تقود الثورة ضد الفساد لإنهاء معاناته.. فماذا نسمي ذلك..¿!
بكل تأكيد هذا هو الاستغفال الحقيقي للشعب والتدليس على آماله وتطلعاته في حياة كريمة.. لينتقل الفساد من الاستثمار والمتاجرة بثروات وموارد الوطن إلى المتاجرة جهارا بدماء أبنائه الأبرياء والمساومة بها لتوسيع رقعة فساد واستحواذ ومصالح تلك الرموز..
الربيع العربي الذي وصل اليمن لم ينته عند هذا الحد بل صار الكثير يطلقون عليه: “ربيع ألفين وأحـ داعöش” حيث فتح الباب على متوالية من استهداف مقومات اليمن البشرية والعسكرية.. وكتسمية جاءت نسبة إلى تنظيم الدولة الإسلامية الذي ازدهر منذ بداية الربيع ليدمر العراق وسوريا وليبيا وطال اليمن كما طال المملكة العربية السعودية التي تؤكد المنظمات الحقوقية العربية والدولية أنها الداعم الرئيسي والممول لكثير من التيارات المتطرفة في الدول العربية والصانع الأساسي لبعض مكونات هذا التنظيم……

قد يعجبك ايضا