دعوة للتسامح

عبدالسلام الحربي

يعيش اليمن في هذه اللحظات الحرجة أسوأ مرحلة في تاريخه الحديث والمعاصر حيث يسود اليوم في بلادنا ومجتمعنا اليمني خطاب الكراهية ومواقف العنف والمذهبية والطائفية التي أدت إلى خلق أجواء يمنية مشحونة بثقافة التعصبات بأشكالها فتحت أبواب المواجهات والجبهات الداخلية في معظم أجزاء الوطن التي أنتجتها تلك العوامل والولاءات لبعض القوى السياسية التي عملت إلى تصنيف واعتقادات وتسميات بعض شرائح المجتمع الواحد بما يسمى القاعدة وغيرها من التسميات الدخيلة على بلادنا وأبناء شعبنا الذي ظل يتعايش منذ فجر التاريخ الإسلامي تحت رايات الدين وهدى الإيمان والحكمة وعادات الأصالة والشهامة والكرم.. لا فرق بين هذا وذاك الجميع أخوة والوطن يتسع للجميع.. والشعب موقف وأحد أمام أي أعمال دخيلة تحاول انقسام النسيج اليمني أو تمارس أعمال التقليل من عروبة وعراقة التاريخ اليمني واليمنيين.
إن الآثار النفسية والاجتماعية لبعض القوى والأطراف وما أفضت إليه من حروب داخلية لا يمكن قياسها بما يترتب عنه من آثار بالغة وخطيرة على الوطن والشعب سواء على المدى القريب أو البعيد أمر يتوجب على الجميع نبذ ثقافة العنف والكراهية والنظر إلى المستقبل برؤى الوطن وقيم الدين والأخوة والتعايش في تسامح ووئام.
لماذا لا نتعايش¿ سؤال موجه لكل يمني.. لماذا كل هذا الحقد والكراهية والعنف وإلغاء الآخر.. لماذا لا نعمل معا على نشر ثقافة التسامح والتصالح فيما بيننا نحن أبناء اليمن الواحد¿! ونغلق صفحة الماضي ونلتف جميعا حول الوطن والوقوف صفا واحدا أمام العدوان العربي السعودي الأمريكي الذي استهدف بلادنا ومس سيادتنا اليمنية وعروبتنا المتجذرة في تاريخ العرب والمسلمين منذ القدم .. واستغلالهم لمواقفنا المتخاذلة حول الوطن ومستقبل أجيالنا ونهوض بلادنا واستغلال خيرات اليمن في بناء يمن متطور ومزدهر يكفينا عن اللجوء إلى الآخرين من حولنا.. الذين يستغلون أوضاعنا الاقتصادية لشراء أجندة من الداخل لإلحاق الدمار والعنف والخراب في بلادنا واستخدامنا ورقة رابحة لتمرير حقدهم على اليمن وأبناء شعبها مقابل حفنة من المال المدنس لبعض الخونة للعدوان على بلادنا وقتل أبناء الشعب اليمني دون أي مبررات تذكر.
إن اليمن اليوم يعيش زمنا تدافعت فيه الفتن وكثرت فيه الخصوم واشتدت فيه الحروب وصارت الأرض دمارا والبيوت خرابا .. وأضحى الشعب يفتقر إلى الأمان .. والنفس تشتاق لهديل الحمام رمزا للسلام .. والأرض بانتظار أن تعود إليها كل الألوان.. بدلا من دوي المدافع وغارات طائرات العدوان وصواريخهم المدمرة للأنام لنجعل من اليمن بلد الأمان والشعب شعب السلام ولتكن سماؤنا زرقاء والأشجار خضراء والنور وضاء والهواء نقاء.. والغريب وبعد هذا العدوان السعودي الأمريكي السافر على بلادنا وشعبنا والذي قضى على كل مقومات الحياة اليمنية وإمكانياتها ومدخراتها ومرافقها نجد هناك من أصحاب العقول المتحجرة والنفوس المريضة والأفئدة الحاقدة يؤيدون عدوان عاصفة الحزم على بلادنا وأبناء شعبنا .. متناسين أنهم يمنيون والمساس بالوطن مساس بيمنيتهم ودمار يلحق بهم واستهداف لليمن بشكل عام.. وليس كما يدعون قوى التحالف.
إن الذين يصنعون الحروب لن يستفيد منهم الوطن والشعب.. وأن من يصدرونها من الخارج أو يتداعون لها أو يقفون خلفها من الداخل ليسو إلا دعاة فتنة وتجار حروب لا يريدون لبلادنا أي تقدم أو إمن واستقرار.
وبالمثل أيضا إن التمترس خلف المواقف الرافضة.. لبعض القوى والأطراف الفاعلة على الساحة اليمنية.. على اعتبار أن الحلول والمخارج من الأوضاع اليمنية الراهنة وإيقاف العدوان السعودي الأمريكي على بلادنا وشعبنا منذ أكثر من خمسة واربعين يوما مرهون بتوافق القوى السياسية وتقديم التنازلات من أجل اليمن والشعب لصد العدوان.
إنها دعوة لكل الشرفاء والمخلصين والغيورين على بلادهم للعمل بروح الفريق الواحد وبأجواء الأخوة والتسامح لإنقاذ اليمن من العدوان السعودي الأمريكي الغادر والسافر على بلادنا وشعبنا وإدراك الجميع من أبناء شعبنا اليمني العظيم.. أن المستقبل المشرق الذي نتطلع إليه في المرحلة الانتقالية الجديدة لن يتحقق إلا لشعوب قوية موحدة الإرادة والهدف..

قد يعجبك ايضا