دور العلماء الغائب
عبدالسلام الحربي
العلماء ورثة الأنبياء يقومون بأدوار جليلة وواجبات إنسانية في أوساط مجتمعاتهم وبيئتهم الاجتماعية التي يعيشون فيها في التوعية والمواعظ وإبداء النصح والمشورة في أوساط المجتمع وفي أوساط الشباب الذين يمثلون الشريحة الكبيرة والعامل الوطني في الوطن باعتبارهم أساس البناء والنهوض بالأوطان وهم من يعول عليهم في الحاضر والمستقبل .. وهم من يعملون على تجاوز الصعاب والتحديات والأحداث التي قد تعترض بلدهم سواء داخلية أو خارجية .. في ظل وجود التوعية والارشاد من قبل علماء وعقلاء وأصحاب الرأي والمشورة من أبناء الوطن حول واجبات الإنسان المسلم نحو دينه ونحو مجتمعه ونحو بيئته ونحو بلاده ووطنه في التعايش الاجتماعي السليم والأخوي وإبداء روح التراحم والمحبة والسلام ….. مع كل مكونات المجتمع ومع وطنه في المحافظة عليه والمساهمة في بنائه والنهوض به والوقوف صفا واحدا أمام من يسعون إلى الإضرار به أو المساس بأمنه واستقراره وسلامة أراضيه انطلاقا من الإيمان الصادق والوطني والديني والأخلاقي أن الوطن مسؤولية الجميع وأمانة في أعناق كل أبنائه وواجب إنساني مقدس في الولاء والحب والانتماء له وجزء من حياة الإنسان الدينية والإسلامية لقوله:
حب الوطن من الإيمان
إلا أن دور علماء بلادنا الغائب من الأزمة السياسية التي شهدتها خلال عام 2011م وما رافقها من أحداث وتداعيات واحتقانات سياسية وحزبية وكذا خلال السنوات الأربع من عمر التغيير والتداول السلمي للسلطة في اليمن والدولة اليمنية الحديثة التي شهدت أحوالا وظروفا أمنية واقتصادية صعبة .. ومواجهات مسلحة وتدخلات خارجية وأمريكية في شئون بلادنا اليمن .. أفضت جميعها إلى تبديد تطلعات اليمنيين في مستقبل مشرق وحياة أفضل في كافة المجالات والموافق الوطنية العامة والخاصة في كل أرجاء الوطن نتيجة لغياب دور العلماء والعقلاء من أبناء الشعب اليمني وما يجب عليهم نحو وطنهم ولم الشمل اليمني والتوحد والاتفاق على كلمة سواء في ما بينهم جميعا من أجل اليمن وتحقيق ما يصبون إليه من الحضارة والعزة والتقدم والرقي في أجواء أخوية ونوايا وطنية مخلصة للوطن والتعايش السلمي والتوافق والاتفاق والقبول بالآخر والابتعاد عن ثقافة الحقد والكراهية والغلو والتطرف والإرهاب والتعصب الحزبي والديني والمذهبي والطائفي الذي لا يؤدي إلى نتيجة أو تحقيق تطلعات الشعب بل إلى تخلف وتنافر وانقسام في الصفوف وإضرار بالمصالح والمكاسب الوطنية والسير بالوطن إلى حافة الانهيار ومصير مجهول وعواقب وخيمة لايحمد عقباها كما هو حاصل في بلادنا هذه الأيام.
إن الظروف اليمنية الراهنة والمشهد السياسي اليمني المعقد ونتائج الحوار بين الأطراف السياسية والحزبية المتحاورة والتي لم تتوصل إلى توافق واتفاق حول الوطن وتجاوز ظروفه الراهنة التي تزداد بين الحين والآخر شراسة وتعقيدا في ظل غياب أصحاب الرأي والنصح والمشورة والمواعظ والإرشاد من علماء وعقلاء ومشايخ ووجهاء أبناء هذا الشعب اليمني من أجل تجاوز الظروف الراهنة والعمل بروح الفريق الواحد من أجل اليمن وردع من تسول لهم أنفسهم المساس بأمن واستقرار بلادنا اليمن وسلمه الاجتماعي ومشروعه الحضاري في الثورة والجمهورية والوحدة والحرية والدولة اليمنية الحديثة القائمة على العدل والمساواة والكرامة والمواطنة العادلة والحكم الرشيد.
فهل يكون للعلماء والعقلاء والأوفياء من أبناء هذا الوطن اليمني مواقف وأدوار وطنية فاعلة ومؤثرة وإيجابية لإنهاء الأوضاع الصعبة وتجاوز الخلافات السياسية والحزبية والخروج باليمن من أوضاعه الراهنة إلى شاطئ البر والأمان .. أم أن علماءنا الأفاضل يواصلون صمتهم الممنهج ومواقفهم الإسلامية الغائبة والوطنية وانقسامهم إلى جماعات مؤيدة ومعارضة تابعة لأشخاص وأطراف سياسية وحزبية كما فعلوا منذ بداية الأزمة السياسية اليمنية وحتى هذه الأيام والوطن يتهاوى وينهار أمام أنظارنا جميعا نحن أبناء الأيمان والحكمة .. الذي اكتفوا بحدود المشاهدة ومكان المتفرج حول اليمن وما يعتمل بداخله من ظروف وأحداث ومستجدات في الوقت الراهن .. وعلى وجه الخصوص أولئك الورثة الذين فرطوا بالوراثة وحولوا مكسب العلم إلى دراهم إلى مزاد علني يباع ويشترى على حساب المواطن من هدم وتخريب وممارسات غريبة ينكرها كل إنسان مخلص للوطن بتمويل من أهل المصالح والكياسة المبجلين وأصحاب السياسة التي لاشك أنها دناءة وخساسة وإجرام في حق الوطن وفي حق مرتكبيها من المرتزقة وفي حق العلماء والعقلاء والوجهاء وتقاعسهم عن القيام بما عليهم من مهام .. وحسبنا الله ونعم الوكيل في البدء والختام.. والله المستعان على ما يصفون.