المجلس الرئاسي.. خيارا للفشل
محمد أنعم
يجري الحديث بشكل جاد عن توافقات للأخذ بخيار المجلس الرئاسي لحل أزمة استقالتي رئيس الجمهورية والحكومة وهذه مغامرة غير محمودة العواقب إذ أن فشلها سيقود البلاد إلى كارثة مدمرة ..
إذا افتراضنا أو تصورنا قيادات المكونات السياسية المتحاورة في موفمبيك أنهم يمثلون أعضاء في المجلس الرئاسي المزمع فهل وعلى سبيل المثال: أن أنصار الله أو الإصلاح سيتفقان على نزع فتيل الحرب في مارب.. لا نعتقد ذلك حتى ولو كثر الحديث عن اتفاقات بينهما..
إذا نحن أمام مجلس مفخخ ستتفجر خلافاته من أول اجتماع له حيث أن تركيبته بالتأكيد ستجمع أطراف متصارعة ومتناحرة وكل منهم يسعى للانتقام من الآخر أو إقصائه أو اجتثاثه عبر شتى السبل.. بالله عليكم كيف سيدير البلاد مجلس رئاسي بهذه التركيبة المتناحرة.. وهل يمكن لهذه القوى التي فشلت عن حل الأزمة وعرفناها تنكث بالعهود والوعود وتتنصل عن الاتفاقات منذ سنوات أن تقود البلاد بهذه الرؤوس أو القيادات المتصارعة إلى بر الأمان .¿
ان هذه الخيارات التي يجري بحثها في موفمبيك لايبدو أنها تضع حلولا للأزمة الراهنة ولكن لو تم الأخذ بها فأنها ستفاقم الأوضاع وتدفع البلاد إلى صراعات تمزق النسيج الوطني والسلم الاجتماعي ..
أعتقد انه لا توجد دولة في العالم تعاني من أزمة سياسية بامتياز وتذهب أحزابها لمعالجة المشكلة بتشكيل مجلس رئاسي فمعالجة كهذه تؤكد أن هذه الأحزاب لا تكترث لمعاناة الشعب أو انهيار الدولة بقدر ما يهمها بدرجة أساسية استثمار الأزمة لترتيب أوضاع قياداتها في أعلى المناصب بطريقة مخالفة للدستور والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني.
ومن خلال التجارب التاريخية ارتبطت المجالس الرئاسية أو العسكرية أو الوطنية بثورات أو انقلابات وتقوم هذه المجالس بمهمة تصفية ما يسمى بالنظام القديم أو السابق من مختلف مؤسسات الدولة..
الأهم من ذلك أن مثل هذه المجالس تضم في عضويتها قوى لها أهداف واحدة وتجمعها مصالح مشتركة .. لكن أن تضم أحزاب متناحرة أو قوى تتقاطع مصالحها كما حدث مع تجارب تشكيل مثل هذه المجالس ومن خارج الأطر الدستورية عقب ما تسمى بثورة الربيع العربي 2011م فقد فشلت هذه المجالس كما أكد على ذلك الشيخ عبدالرحمن محمد علي عثمان رئيس مجلس الشورى ..
صراحة لا ندري كيف ستدار البلاد بخمسة رؤوس أو سبعة أو تسعة خاصة وكل واحد منهم يحمل مشروعا خاصا ويتمترس خلفه ..
عالميا لم ينجح مجلس رئاسي في إخراج البلاد من الأزمة.. ففي اليمن فشلت تجربة المجلس الرئاسي عقب إعادة تحقيق الوحدة اليمنية 1990م وقادت هذه التجربة البلاد من خلال ازدواجية القرارات وتداخل الصلاحيات إلى أزمة ثم حرب 1994م..وفي يوغسلافيا قاد المجلس الرئاسي البلاد إلى حرب أهلية طاحنة ومدمرة..
أن خطورة المجلس الرئاسي المزمع تكمن في أنه سوف يشكل على أساس مناطقي ومذهبي وليس أساسا وطنيا وهذا التشكيل يشبه تمثيل المجلس الرئاسي في يوغسلافيا حيث جرى تأجيج الصراعات لتأخذ بعدا عرقيا ودينيا ومناطقيا فتفجرت الحرب الأهلية هناك..
للتذكير:
روي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما).
ونذكر أيضا.. انه بعد وفاة الرسول صلى الله عليه واله وسلم حدث خلاف بين الأنصار والمهاجرين على اختيار خليفة فاقترح أحد الأنصار أن يختاروا واحدا من الأنصار وواحدا من المهاجرين فتدخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال: (لا يصلح سيفان في غمد واحد).