حال اليمن.. إلى أي البلاد..¿! “مدúرöيشú”
محمد محمد إبراهيم
” لا أين..¿! لا أي البلاد..¿!.. ما ادريش.
كوخي حديد غنيت ما سمعنيش..”
لم يعد الصدى الجميل لصوت أيوب طارش يحمل في جوانحنا كل معاني الحضور الوجداني أو الحزن الأجمل بأمل استعادة أرواحنا من تعب الأيام.. بل صار يتردد مع ذلك الصدى- في الذاكرة الوجدانية في حöلöنا وترحالنا- صوت الوطن الذي بحته حبائل الساسة وأعيته دوامات السياسة إلى درجة وصل فيها حال أبناء هذا الوطن المغلوب على أمره وأمرهم إلى الانفعال اللاإرادي وصك الآذان والضرب على نواصي الرؤوس من الوضع الذي وصل إليه البلد متسائلين: يا إلهي هل من مخرج..¿!..
هكذا.. وكما لو الوطن يدندن -مع أيوب -متسائلا حول مصيره الذي تكتبه متغيرات الأحوال المفاجئة وتداعياتها السلبية وغير والواردة في حسúبان المجتمع لتجبرهم على دخول قائمة “أسوأ الاحتمالات” دائما:
“لا أين..¿! لا أي البلاد..¿!.. ما ادريش”..
بل ويفصح بالشكوى وفي حنجرته حزن يتمطى كسواد الجبال وزرقة المحيطات القاتمة والمخيفة- التي كان يجتاز سماءها أيوب أثناء سفره في قصة هذه الأغنية التي كتب كلماتها شاعر اليمن الكبير عبدالله عبد الوهاب نعمان بطلب من الأستاذ أيوب طارش كزاد يواسي غربته حيث سافر إلى لندن:
“كوخي حديد غنيت ما سمعنيش..”
وللأسف يرجع الصدى يائسا ومثقلا بالأسى والخذلان والكوارث -التي يتجرعها البلد جراء أخطاء الساسة – عقب كل نوبة أمل تنتاب الوطن بأن يصل إلى انفراجة جديدة تخرجه من دوامة السياسة فيعود كل مرة إلى نقطة الصفر وهيهات أن تترك قسوة السياسة والمصالح المادية له فرصة الراحة أو أن يرى هذا الوطن أحلامه تتحقق على الأقل في السلام والأمان:
حديدú..! من أين للحديد يطúربú.. ¿!
حديدú.. لا ذاق الهوى ولا حب..¿!”
وهذا هو الواقع المزري الذي يعيشه البلد لا الساسة أحسوا بقسوة الألم على الشعب الذي يعاني تدني المستوى المعيشي والاقتصادي ولا هم بلغوا غاياتهم وشعاراتهم المطاطية في المدنية والسلام والمواطنة المتساوية ليذهب البلد من أزمة إلى أزمة أشد ومن صراع إلى صراع وكأنه المعني- قبل أبي تمام- بقول البردوني:
(ورحت من سفر مضن إلى سفر / أضنى.. لأن طريق الراحةö التعب)..
لم يعد أحد من الساسة ومن يملكون مفاتيح إدارة الأزمة والصراع يسمع أو يقرأ ما نقوله في كتاباتنا كصحفيين شملتهم لعنة السياسة والصراع إذ أصبح الإعلام هو مثار الفتنة في نظر المجتمع فكيف بأرباب الصراع والحالة اليمنية إلى الوطن الذي ظل منذ زمن بعيد حبل غسيل لشعارات السياسة..
المؤسف والأشد مرارة أن هؤلاء الساسة وأصحاب الفكر النفعي الضيق والمصالح المادية ومديري الصراع وملاك مفاتيحه وفتائله –شديدة الاشتعال- لم يعد في قواميسهم عامل الالتفات إلى ما يقوله المفكرون وأصحاب العقول الناضجة ورسالاتهم الجديرة بالاهتمام وباقتفاء قيم ومسارات السلام والتعايش بين الناس…
فقط.. كل الذي جرى ولم يزل يجري هو حوارات سياسية مطولة كفيلة –في ظاهرها- بحل قضايا العالم لكنها في باطنها عاجزة أن تغادر صالات الاجتماعات والفنادق حتى تتبخر وتتحول إلى مثار لصراع جديد وكأن اليمنيين ناقصون جراحات وأسباب للخلافات المستمرة والدائمة فيجتمع ساستهم ومن يعتبر صفوتهم ليوسعوا للحاضر شروخ الماضي ويلوكون المستقبل في ضياع الحاضر.. والأدهى والأمر هو أن يكون الحل المتصور والحتمي -كتحصيل حاصل للفراغ والتوهان- هو بداية مرحلة جديدة من الصراع وشتات “ذات البيúن”..