الحوار وإذا فشلتم.. فالحوار
فتحي الشرماني
هذه هي فطرتنا السياسية التي فطرنا عليها .. أمة حوار وشورى منذ الأزل .. ولذلك فلن نيأس اليوم بعد فشل جولات من التحاور, بل لا يحق لنا هذا اليأس لأن الحوار إحدى الصناعات اليمنية التي كان يبدعها فكر الإنسان اليمني وروحه الحضارية الميالة إلى التعايش والسلام.
واستحضار هذا الرصيد في الذهن السياسي اليوم كفيل بأن يحفزن المواصلة الحوار مهما تعقدت الحلول لأننا في الأخير سنضع أيدينا على الحل الذي يرتضيه الجميع لإخراج الوطن من محنته, وبالحوار وحده سيسود السلام ويعم الوئام والتصالح, ويبقى اليمنيون بهموم واحدة وعلى خندق واحد يواجهون مختلف المشكلات التي تعيق مسيرة التقدم والنهوض لوطنهم.
كلنا نعرف أن ترك الحوار أو الشعور بالتشبع منه ليس حلا .. وللمتحاورين نقول: عودوا إليه من جديد كلما شعرتم أن الطرق قد انسدت أمامكم, فلا بديل له – أي الحوار – غير الصراعات والأزمات والمواجهات التي كلفت الوطن الكثير, وستكلفه الأكثر فيما لو تغلبت ثقافة القطيعة واللا حوار بكل ما فيها من سوداوية وأنانية واستكبار.
ويتعين على جميع القوى السياسية أن تعي أن الحوار اليوم مسؤولية قد تسمح الظروف الحالية بالتخلي عن مسؤوليات كثيرة, ولكن لا تسمح لها بالتخلي عن مسؤولية الحوار لأن الوطن سينزلق إلى منزلق أخطر مما هو فيه إذا لم نستمع اليوم لبعضنا ونتفهم بعضنا ونتنازل لبعضنا من أجل الوطن.
ليس عيبا أن يفشل الحوار حول الأزمة الراهنة, وإنما العيب أن نتخلى عن أسلوب الحوار ونوهم أنفسنا بعدم جدواه ليبقى الوطن منفتحا على احتمالات كارثية يشقى الجميع بها, وفي الأخير لن يجدوا غير العودة إلى الحوار لاستئناف الحياة.
صحيح أنها أزمة غير مسبوقة, ولكنها لن تستعصي على الحل التوافقي مهما كانت درجة صعوبتها, فما من مشكلة إلا ولها حل, ومن الضروري أن يكون الجهد والمتاعب على قدر الصعوبة والتعقيد.
وتذكروا أن هذا وطن يستحق أن نتصالح من أجله ونتعايش من أجله, لاسيما أنه الوطن الصابر الذي لايزال بانتظار الفرج, وكما أنه لا يأس مع الحياة فإنه لا يأس مع الحوار لأن الحوار هو الحياة, وسر ذلك أنه يجذب أذهان المتحاورين شيئا فشيئا إلى منطقة الوسط التي لا غالب فيها ولا مغلوب, ومن ثم تصنع الحلول وتقبل الأطراف المتحاورة بمقرراته ونفوسهم راضية, وهذا يعني أن تتخلص هذه النفوس من نزعات كان صعبا عليها التحلل منها.
باختصار.. الحوار والعودة إلى الحوار وعدم اليأس من الحوار هو طوق النجاة, وليس لنا أن نتمسك بغيره إذا أردنا أن يكون اليمن سعيدا حقا كما أطلقوا عليه منذ قديم الأزل.