ثـورة عـلى الـفساد
عبدالله علي صبري

مقال
عبدالله علي صبري –

مقال
ربما لم تشهد اليمن من قبل حملة شعبية ضد الفساد كالتي نعيشها هذه الأيام وإذا كان من الإنصاف الإشارة إلى تجربة الرئيس الحمدي في مسألة التصحيح المالي والإداري فمن الملاحظ أن الإرادة السياسية كانت هي الحاسمة آنذاك.
اليوم تتكفل اللجان الشعبية والثورية بفضح ملفات الفساد وإيقاف الكثير من المصروفات المشبوهة في الوقت الذي تتسرب معلومات عن فضائح فساد داخل هيئة مكافحة الفساد نفسها!!
وكان المؤمل أن محاربة الفساد مهمة وطنية تضطلع بها كل القوى التي تصدت لمهمة التغيير منذ فبراير 2011م خاصة أنها قد تحاصصت السلطة مع النظام السابق ووجدت الفرصة متاحة لكي تترجم نزاهتها وكفاءتها .. غير أن ما حدث كان على العكس تماما.
طوال الثلاث السنوات الماضية قدمت حكومة الوفاق نفسها كأنموذج للحكومة الفاسدة والفاشلة وكان فسادها المدخل الأول للمطالبة بإسقاطها وأن تطلب الأمر ثورة شعبية .. وذلك ما حدث.
إذا سيكتب لثورة 21 سبتمبر 2014م أنها تصدت لأخطبوط الفساد المتظافر مع قوى السلطة والنفوذ.. وكما نجحت هذه الثورة في إسقاط الجرعة السعرية وفي تجاوز الفراغ الأمني الذي شهدته البلاد الأسابيع الماضية فإنها تسير باتجاه تحقيق منجز كبير على مستوى الرقابة على المال العام ووقف التدهور الاقتصادي المخطط له وتخفيف الضغط على ميزانية الدولة جراء التوجيهات العبثية التي تستنزف المال العام ثم لا يكف أصحابها عن استجداء وتسول الخارج تحت عناوين مضللة وجاذبة لدعم وعون الأشقاء والأصدقاء.
المؤسف أن حماس النخبة السياسية والإعلامية تجاه محاربة الفساد ليس في المستوى المطلوب مع أن التغيير المنشود لا يمكن أن يقوم على أرضية فاسدة. ومهما كانت النوايا والأفكار حاضرة وحسنة ضد الفساد فلن نتقدم خطوة إلى الأمام بدون إجراءات عملية على الأرض.
ثم إن لقوى النفوذ جذورها المتغلغلة في بنية الدولة وبدون تجفيف منابع الفساد فإن هذه القوى ستجد فرصة أخرى للاستقواء من جديد بفضل إمكانات توفرها موازنة الدولة تحت مسميات شتى.
ليست المسألة انتقامية كما قد يتصور البعض كما أنها ليست انتقائية أيضا وإذا كان لدى أحد معلومات موثقة بهذا الخصوص فليعلنها للرأي العام ففي ذلك مصلحة وطنية قبل أي شيء آخر.
لم يعد مستساغا أن تعول الحكومة على الدعم الخارجي في تسيير الشأن الاقتصادي فبالإضافة إلى أن هذا التوجه قد رهن سيادة وقرار البلاد فإنه أيضا عطل كثيرا من الجهود التي يمكن أن تبذل على صعيد تحسين إيرادات الدولة وضبط صرفياتها ومحاربة الفساد المالي بمختلف صوره وأشكاله.