3- فكر وأيديولوجية تنظيم الدولة الإسلامية
أ.د.عمر عثمان العمودي
التحليل والتفاؤل الموضوعي لفكر وأيديولوجية تنظيم الدولة الإسلامية يفرض على الكاتب أن يزاوج بين ما يقوله هذا التنظيم عن نفسه وما يقوله منتقدوه وأعداؤه عنه مع التعليق المختصر عن هذا وذاك وتنظيم داعش وقبله تنظيم القاعدة المنطلق والتنظيم الأم تقول أدبياتهم وخطب وكتابات قادتهم ومرجعياتهم الدينية أنهم يسعون ويعملون إلى إصلاح وتقويم حياة المسلمين وأمة الإسلام عن طريق العودة الحقيقية إلى الكتاب والسنة وتعاليم الإسلام الصحيحة كما طبقت في عهد وعصر الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعهد وعصر خلفائه الراشدين ومن سار على نهجهم الصالح من التابعين ومن المسلمين الصالحين في القرون الثلاثة التالية على ظهور الدعوة والرسالة الإسلامية وفي سبيل ذلك عليهم مقاومة الحكومات الفاسدة ورموزها من الطغاة المستبدين مع وجوب محاربة الاستعمار الأجنبي المستغل والمسيطر على موارد وعلى بلاد المسلمين على حساب بؤس وفقر وتخلف السواد الأعظم من أبنائها والمشكلة التي تثور بينهم وبين أعدائهم المناهضين لهم هي في كيفية تطبيق أفكارهم وتفسيراتهم للنصوص الشرعية وفي مناطق وأساليب صراعهم وتواصلهم مع الغير التي تتصف بالتشدد والتعصب والشدة المبالغ فيها وهم يذهبون فيما يرفعون من أفكار ومبادئ وشعارات إلى حد التضحية بأرواحهم إيمانا واحتسابا ضد من يناهضهم أو يرفض الاستجابة لهم ويتدرجون ضمن الفكر والحركات الإسلامية السلفية المتشددة ونرى أنهم لا يحتكرون الفكر السلفي وحدهم, لأن هناك العديد من الحركات السلفية الأخرى التي تستقل كل منها بفكرها وأساليب نضالها وأكثرها يتصف بالمرونة والعصرية والاعتدال.
وللفكر الإسلامي السلفي المتشدد مراجعه الفكرية والحركية من التراث والتاريخ الإسلامي القديم والحديث ومن مراجعهم الفكرية كتابات ابن تيمية وتلميذه ابن القيم والشيخ محمد بن عبد الوهاب والإمام الشوكاني بعد انحيازه للحركة السلفية الوهابية بعد ظهورها في وسط الجزيرة العربية وما تحقق لها من انتصارات سياسية وعسكرية في مناطق كثيرة داخل هذه الجزيرة وكتابات أخرى حديثة مثل كتابات أبي الأعلى المودودي وحسن البناء وسيد قطب ومن سار على نهجهم مثل أيمن الظواهري وسلمان العودة والقرني وغيرهم.
ومسألة التعصب للذات والتشكيك في الغير وتسفيه وتخطئة الغير هي ظاهرة ملازمة لكل التنظيمات والحركات والأحزاب الدينية والسياسية والمذهبية والطائفية في كل المجتمعات السياسية وكانت شديدة الوطأة في الماضي البعيد والقريب وقامت بسببها حروب وفتن وسفكت فيها الكثير من الدماء البريئة وغير البريئة والاتجاه العام والقائم في حياتنا السياسية المعاصرة وعلى مستوى العالم كله الذي أصبح وفقا لمعطيات عصرنا الحاضر العلمية والتكنولوجية المتقدمة بمثابة السفينة الواحدة يدعو ويتطلب التقليل من نوازع التعصب والتطرف في السياسات وفي الفكر والرأي واعتماد الحوار والتسامح البناء لخير وسلام الجميع وأمن الجميع محليا وإقليميا ودولياالمسيرة في هذا الاتجاه متعثرة وبطيئة, ولكنها تسير لمصالح القيم والمبادئ الدينية والأخلاقية والإنسانية وعلى حساب نوازع العنف والشر والصراع على المال والقوة والحكم.
الإسلام في أصوله وثوابته السامية:
الإسلام ودين الإسلام الحنيف الذي جاء به نبي ورسول الهدى والرحمة محمد صلى الله عليه وسلم تدور تعاليمه وقيمه وغاياته العامة السامية حول تقويم وتربية وتعليم وترشيد وتوجيه الإنسان المسلم إيمانا وعملا وسلوكا ومعاملة وصولا به لأوامر الله ونواهيه بما يحقق له السعادة وخير الدارين الدنيا والآخرة ولا يوجد دين آخر أو ملة أو نحلة أخرى في حياة الأمم الأخرى غير المسلمة ما يضاهي سمو تعاليم الإسلام في دعوتها الملزمة لأبناء الأمة الإسلامية في مجال التسامح والسلام والتحاور بالتي هي أحسن وفي مجال التآخي والتكاتف والإخاء والتضامن والتراحم بينهم والنصوص الشرعية من القرآن والسنة لا حصر لها ويعرفها كل مسلم ملتزم ومؤمن بالإسلام ولا داعي للتذكير بما جاء في الأخوة الإسلامية والرابطة الإسلامية والاعتصام بحبل الله جميعا وعدم التفرق ونعمة الله على المسلمين والارتفاع بهم من التفرق إلى الوحدة والأخوة, لأن كل ذلك معروف للجميع.
ومشاكل المسلمين كلها – القديم والحديث- منها تعود إلى المسلمين أنفسهم وابتعادهم عن تعاليم عقيدتهم السامية وشريعتهم السمحاء وإعلاء شأن ما هو دنيوي على ما هو ديني وتلوين الدين وتسييسه لخدمة السياسة والدنيا ومصالح رموزها وقادتها وزعمائها السبب الحقيقي لظهور الفرق والمذاهب المتباينة والمتصارعة وما يتبعها من حروب وفتن ودماء ومن قراءة مجمل معطيات تراث