معايير الوسطية والاعتدال بين المتاجرة والتجذير

علي أحمد عبده قاسم


 - 
الكل يدعي "الوسطية والاعتدال" فأنت تطلق على ذاتك معتدلا وأنا كذلك وكذلك هو يدعي الوسطية لا أحد يلصق بنفسه التطرف والغلو حتى الجماعات الدينية تلب

الكل يدعي “الوسطية والاعتدال” فأنت تطلق على ذاتك معتدلا وأنا كذلك وكذلك هو يدعي الوسطية لا أحد يلصق بنفسه التطرف والغلو حتى الجماعات الدينية تلبس نفسها “الوسطية والاعتدال” حتى تلك المتطرفة التي تذبح وتقتل وتدمر وتحمل السلاح لا تنفي عن نفسها “الوسطية” بل تدعي أنها حاملة لواء الاعتدال والوسطية.
فإذا كنا جميعا ندعي الاعتدال والوسطية وننفي عن أنفسنا التطرف أيا كان ذلك التطرف فإن بعض الجماعات بلغ بها الحد أن تعتدي على بعضها بل سمعت أن جماعة في دولة عربية قتلت داعية إسلامي لأنه حاد عن مبدأ “الوسطية والاعتدال” فما هي الوسطية وما معاييرها وقواعدها¿! خاصة وأن الصراع الفكري تحول إلى صراع مسلح وتحولت الأمة العربية إلى ساحات للدمار والاقتتال فضلا عن أن البعض من الجماعات تعتبر ما عداها الباطل وتلصق بذاتها الحق المطلق وما عداها فهو الباطل علاوة عن المهاترات الاختلافية التي أفضت إلى تكوين اتجاهات فكرية تحمل في نفوسها الكراهية والحقد لبعضها بأساليب تربوية لها أدواتها وأساليبها في ترسيخ تلك الاتجاهات التي تقبلت تلك الأساليب التربوية وذلك الخطاب الفكري مما ترتب عليه إضعاف المجتمع والأمة وتحويلها إلى طوائف متحاربة متقاتلة ليس فحسب بل إن الوسائل الحديثة والإمكانيات المادية والذرائع السياسية أنتجت جيلا متصارعا وأمة ممزقة وسياسات تتلبس تلك الاتجاهات لتخدم مصالحها السياسية علاوة على استغلال الآخر لتلك الخلافات منفذا للأمة من خلال تلك الخلافات والاتجاهات فأحل التدمير للأمة مكان التعمير لتتحقق مصالحه وبالتالي شرعن للقتل والتدمير تحت ذرائع معروفة ومنافذ من الاختلاف الفكري والأحقاد العميقة في نفوس أتباع كل طائفة والكل ما يزال يدعي “الوسطية والاعتدال” فما هي المعايير للوسطية.. وأظن أولها التعايش والإيمان بالاختلاف برضا عميق مع وجود المساواة والحق بالمواطنة لأن التسامح لا يعني التعايش فالتسامح قبول دون رضا وقناعة وأيضا الإيمان بالاختلاف والتنوع بوصف ذلك سنة إلهية وفطرة كونية لأن التنوع والاختلاف في حالة النضوج الفكري عامل قوة خاصة بوجود العلم فأوروبا صنعت حضارتها من التنوع والاختلاف وقامت تلك الحضارة على فاعلية الأقليات والأكثرية أيضا وأدى ذلك إلى مجتمع متنوع متعايش خاصة وأن الصراع الاختلافي في أي تاريخ مؤشر ضعف وليس مؤشر قوة ويأتي الإيمان المطلق بحقوق الإنسان رافدا كبيرا لترسيخ الوسطية والاعتدال من خلال تجذير “كرامة الإنسان” بوصف يندرج تحتها الحرية والمساواة والعدالة وحق الحياة والحفاظ على عرضه وحقوقه المادية والمعنوية مما سيؤدي أدوارا فاعلة لقوة المجتمع والوطن ويؤسس لحياة مستقرة بعيدة عن الصراعات التي تأتي عادة من ظلم الإنسان واستلاب كرامته التي تجذر الأحقاد والصراعات.
وتأتي العقلانية عاملا ودعامة أساسية في ترسيخ “الوسطية والاعتدال” هي الوقوف على جادة الصواب في التعاطي مع التنوع والاختلاف داخل المجتمع ويتأتى من أعلى مستوى في الدولة إلى الجماعة والفرد والمجتمع فأعلى مستوى يقدر بعقلانية عالية أنه يحكم شعب متنوع الفكر ومظلة للجميع ومن ذلك المنطلق تتحقق العدالة والانسجام والتناغم والتنمية ومثله الجماعة لا تدعي أنها تمتلك الحق المطلق والرؤية الوحيدة بل عليها أن تؤمن أن لكل رؤيته ولكن لا يعني ذلك التنازل عن الحق الذي يرسخ في الجماعة وما شاكلها ولا يفرض على الآخرين ومثل ذلك الفرد الذي يتعامل مع الآخرين على أساس من الثوابت والقواسم المشتركة مع التعاطي مع الرؤى المختلفة بالقبول أو الرفض دون إلغاء إعادة النظر في استراتيجيات التعليم بمعنى يجب أن تكون المناهج قائمة أو مشتقة من مبادئ الإسلام الصافية آخذة قواسم وثوابت الوطن والأمة بعين الاعتبار ولا تغفل فلسفة المجتمع وعاداته وتقاليده لإيجاد جيل منتم للوطن موال له يعمل كل جهده من أجل رفعة الوطن والأمة نابذا للغلو والتطرف وإيجاد قانون يحد من المحاضن التي تنتج أو تأتي برؤى مغلوطة ولا تغفل الدولة عن المراقبة والمتابعة للمدارس ومحاضن التعليم الخاص الذي تفلت كثيرا وطمس مبدأ “الوسطية والاعتدال” خاصة وإن الانتماء والولاء للوطن تشتت من أعماق الأجيال ليتحول إلى ولاء للأيدلوجيات أكثر من الوطن مما عرض الأوطان والأمة كثيرا من الخسائر وأوصلها لهذا الضعف وهذا التشظي وتلاشى “مبدأ الوسطية والاعتدال”.
الإيمان بالرسالة وأقصد بها تلك الرسالة التي يحملها كل فرد من موقعه من الأسرة إلى أعلى مستوى في الدولة فالأسرة تحرص على تربية أبنائها التربية الصحيحة التي تعود عليها ب

قد يعجبك ايضا