من أجل المتشبثين بوطن مستقر
فتحي الشرماني
التطورات التي تحدث اليوم في بلادنا خطيرة ومفزعة, ويبدو معها الحال كأن أهل العقل والحكمة قد ماتوا .. كنا نراهن ولا نزال على أن عامل الوقت كفيل بتهدئة النفوس المتسارعة إلى تأزيم الموقف, والاقتناع بأن الحوار هو وحده اللغة التي يفوز بها الوطن, وبغيرها يأخذ الخلاف مسارات مجهولة لا يستطيع أحد تكهن النهايات التي ستصل إليها.. فلا أسلم من الحوار ولا أعظم منه في إذابة التباينات وتقديم التنازلات في سبيل المصلحة العليا للوطن.
في طيلة هذه الفترة من الاحتقان لم يكن من قيادتنا السياسية بزعامة الرئيس عبدربه منصور هادي إلا الخطاب الواعي والمسؤول, الذي يخلق مسارات للسلام والحوار والمرونة في قبول الآراء, على الرغم من أن كثيرا من الوسائل الإعلامية اللا وطنية ظلت تقرع طبول الحرب بزيادة أخبار الإثارة والتضليل حتى ينهدم علينا السقف وتحصل الكارثة, وكأنها تتناسى أن كل من يسقط هم يمنيون.
هناك ملايين اليمنيين الذين ينتظرون أن ينجوا وطنهم من هلاك ينتظره بفعل ما يحدث اليوم.. اليمنيون شعب سلام ومحبة ولا أجدر منهم بالتوقير والإجلال حين يجري ترجمة طموحهم في اتفاقات يؤكد الموقعون عليها أنهم لبوا نداء الوطن ودعوته لهم إلى التصالح والتوافق وتجنيب الوطن ويلات الحروب المدمرة.
مفردة الحرب لها دلالتها الواضحة في كل المعاجم والموسوعات الاجتماعية والنفسية والعسكرية والدينية وغيرها, فلا معنى جامع لها سوى أنها قيامة تقوم, وجحيم يتلظى ليوقف عجلة الحياة, بإهلاكه الحرث والنسل .. تأملوا ما فعلت الحروب بشعوب كانت رائدة في التنمية والتطور على مستويات كثيرة, وتأملوا كيف تشيخ المجتمعات المتقاتلة وهي شابة, وتأملوا في الحروب الأهلية عند بعض العرب كيف تصنع مرحلة اللا عودة, وتأملوا أيضا كيف يدير العالم المتقدم صراعاته البينية أو صراعات الشرق والغرب, وفي أكثر من محطة خلافية تجدهم يصعدون في مناوراتهم السياسية وحروبهم الباردة, ولكنهم قد تعلموا من حروبهم السابقة, وأيقنوا أن الدبلوماسية والاستمرار في التحركات السياسية كفيل تسوية الأزمات.
صنعاء أم الجميع, وتستوعب الجميع .. انبذوا النزعات.. فما دخلت هذه النزعات وطنا إلا وأمطرته بالحروب والصراعات التي تتركه كسيحا يتكفف المنظمات الإنسانية وجمعيات الإغاثة.
يكفي ما قد خسر الوطن من أرواح .. نقتل بعضنا ونحن كلنا مسلمون وكلنا يمنيون.. لماذا¿, هل هناك ما هو أعظم من بيت الله الحرام¿ هذا البيت إن هدمه حجرا حجرا أهون عند الله من أن يراق دم امرئ مسلم بغير حق¿
وإذن فحكموا العقل, وكونوا من أهل الرشد, وتذكروا أننا شعب قد سلب منا العيش الرغيد ووسائل الترفيه, والغالب الأعم من الخدمات الأساسية التي تحظى بها شعوب الأرض, ولم يبق لدينا سوى أن نعيش بأمان وسلام, فهل من المعقول أن نجد من يريد أن يبخل بهما علينا¿!