الإنسان هو الأكثر عنفا

خليل علي

 - 
في البدء كان العنف وفي الختام كان العنف وما بين البدء والختام كان العنف.
 لقد كان نيتشه على صواب في تفسيره لتاريخ الإنسان أنه تاريخ حروب ودماء وصراع من أجل إرادة القوة و

في البدء كان العنف وفي الختام كان العنف وما بين البدء والختام كان العنف.
لقد كان نيتشه على صواب في تفسيره لتاريخ الإنسان أنه تاريخ حروب ودماء وصراع من أجل إرادة القوة والاستحواذ والسيطرة. إن تاريخ الإنسان هو بالفعل تاريخ صراعات وحروب وتوسعات إمبراطورية استعمارية وغزوات همجية وحشية. وهذا ما نجده مسطورا في معظم الصفحات حينما نقرأ تاريخ الإنسان. فمنذ بدء الخليقة قتل قابيل هابيل كما حكت لنا الكتب المقدسة وكان هذا بداية للعنف والدماء في الحياة البشرية. وفي كتابه (عصر العقل) خصص توماس باين جزءا كبيرا لنقد أشكال العنف والقتل الجماعي الذي بشر به العهد القديم (التوراة) وقد تم اعتبار العهد القديم بمثابة توصية بالقتل الجماعي قتل الرجال والنساء والأطفال إلا أن رجال الدين واللاهوت كانوا يرون أن نقد المذابح التي أمر بها الله يعد خطيئة كبرى وأنه من الكفر والإلحاد انتقاد الإسرائيليين بسبب تلك المذابح باعتبار أن الله يصادق عليها. وتحدث كتاب التاريخ أن العبرانيين كانوا يقتلون الناس ليس قتلا جماعيا فقط وإنما إفناء يقضي على الرجال والنساء والأطفال. ولقد اشمئز وأسف الكثيرون من المسيحيين كون المسيحية ضمن إلى كتبها المقدسة تلك الكتابات اليهودية التي تعكس طورا ملئ بالوحشية والتي يقرأها الناس وهم مؤمنون ضمنا أنها وحي منزل.
يذكر بريفولت أن المسيحية قتلت أثناء انتشارها بحسب تقديرات المؤرخين ما بين 7 – 15 مليون إنسان وبحسب تقديرات المؤرخين أيضا أنه في القرن السابع عشر الميلادي دمرت حرب الثلاثين عاما بين الكاثوليك والبروتستانت في أوروبا ما يقارب 15000 مدينة و8000 آلاف قرية وفي بعض البلدان مات ثلث سكانها وفي البعض الآخر مات ثلثا سكانها. وتسببت الحروب الصليبية في هلاك الملايين من المسلمين والنصارى على حد سواء وخراب ودمار أجزا شاسعة من الديار والمباني العمران. وبحسب بعض المصادر المسيحية عن مدينة القدس عندما دخلها الصليبيون في أواخر القرن الحادي عشر الميلادي وأن الخيول كانت تمشي في الدماء التي بلغت مستوى الركب وأنه لم يعد يسمع في المكان سوى حشرجات الموت.
أما المسلمون فقد عملوا على نشر الإسلام في ربوع المعمورة وتحقق للإسلام انتشار وذيوع كبيرين ولكن ذلك لم يكن إلا من خلال السيف. فقد حمل المسلمون سيوفهم وأسلحتهم وركبوا خيولهم وانطلقوا غازين وفاتحين لما استطاعوا أن يصلوا إليها من البلدان والبقاع. ويكفي أن نذكر الخلافة العثمانية إلى جانب سلطانها ونفوذها في العالم الإسلامي أخضعت تصف أوروبا لسيطرتها وهيمنتها قرون عديدة.
وكان المغول في غزواتهم للمدن والقرى يقتلون الناس بشكل جماعي ويغتصبون النساء أمام أعين أهلهن وينهبون ويخربون ويدمرون كل شيء أما عن الممالك والامبراطوريات فيشير أحد ملوك أشور للحروب التي قاستها مملكته من الفظائع التي كانت تنطوي عليها من تقطيع الأيدي والأرجل بالألوف ودفن للأحياء بالألوف وتحدث عن أمر ألهه له فقال: “أمرني الإله أشور بالسير فقمت بتحويل أرض سارانيت إلى خراب وعاقبتهم ولاحقت عساكرهم كحيوانات برية فتحت مدنهم وأخذتهم أسرى وجردتهم من أملاكهم وتركت مدنهم للنيران خربت ديارهم ودمرتها وحولتها إلى أنقاض وفي قصورهم رفعت تقدمات الشكر للإله أشور ربي إن ما تحدث عنه هذا الملك هو ذاته ما كانت عليه الممالك والإمبراطوريات التي نشأت قديما والتي ما كانت لتنشأ وتتوسع لولا غزوها للشعوب الأضعف منها وسلب أراضيهم ونهب ثرواتهم وخيراتهم واسترقاقهم وتعذيبهم وقتلهم.
وفي العصر الحديث ارتكب الأوروبيون من الجرائم والفضائع في الهنود الحمر من إبادات جماعية وتعذيب وتقطيع للأطراف ما يخجل الأوروبيون عن ذكره وقد أشار غومبريتش إلى ذلك في كتابة مختصر تاريخ العالم بقوله إن ما ارتكبه الأوروبيون ضد الهنود الحمر يعد نقطة سوداء في التاريخ الأوروبي لن ولم تمح أبدا.
وفي عصرنا الحالي قتل في الحرب العالمية الثانية ما يقارب ستين مليون شخص ويذكر جونستون في كتابه الحضارات الأفريقية أن بلجيكا قتلت في الكونغو أحد عشر مليونا خلال خمسة عشر عاما فقط وارتكبت بريطانيا جريمة هي من أكبر جرائم التاريخ بتشريدها لشعب بأكمله في فلسطين لتزرع شعبا آخر فتسببت بجرائم ومذابح ومجازر للفلسطينيين عديدة ودمار وصراع يبدو أنه لن تكون له نهاية ومن أكبر جرائم التاريخ أيضا هو أن تتحالف دولة عظمى كأمريكا مع دولة عظمى كإسرائيل وبدعم وتأييد دول عظمى أخريات كدول الاتحاد الأوروبي لشن حرب على سكان غزة من الأطفال والنساء والرجال الذين لم يكونوا يوما مجرمين و

قد يعجبك ايضا