المظاهرات من يديرها ويدبر لها

د. محمد حسين النظاري

 - 
تستوقفني مثل عامة الشعب حالة غريبة جدا فكلما أقرت الحكومة قرارا معينا (بغض النظر عن صوابه أو خطئه) ينبري علينا من يجيش الناس للخروج في مظاهرات للاعتراض على قرار الحكومة والاعتراض في حد ذاته ظاهرة صحية ولكن أن تعود تلك النغمة الم

تستوقفني مثل عامة الشعب حالة غريبة جدا فكلما أقرت الحكومة قرارا معينا (بغض النظر عن صوابه أو خطئه) ينبري علينا من يجيش الناس للخروج في مظاهرات للاعتراض على قرار الحكومة والاعتراض في حد ذاته ظاهرة صحية ولكن أن تعود تلك النغمة الممقوتة: الشعب يريد إسقاط النظام الشعب يريد إسقاط الحكومة الشعب يريد كذا…..الخ وهي شعارات أثبتت الأيام أنها سبب نكسات الأمة العربية حاليا.
في حقيقة الأمر الشعب لا يريد إلا الاستقرار فقط أما تلك الشعارات المرفوعة فهي لا تخدم إلا من تضرروا بصورة كبيرة من أي إجراء تتخذه الحكومة.. ومصلحتهم فقط من تدفعهم إلى دفع الناس للشوارع تنفيذا لمآربهم الشخصية فقط.
لا يختلف أحد على أن إجراءات الإصلاحات السعرية كانت تؤثر على المواطن المسكين ولكن هل نستمر في الخطأ.. إن الرفع خطأ في حد ذاته ولكنه جاء ليعالج خطأ أكبر منه فما يتحصل عليه المتنفذون والمهربون من الدعم طامة كبرى مع أن هذا لا يعفي الحكومة من دورها الذي افتقدته.
استغرب في حقيقة الأمر من الذين يجيشون المواطنين نحو الحكومة ويغضون الطرف عن المتاجرين بأقوات الناس فأين هم من المتاجرين بالبترول والديزل وهم يرونهم يبيعونها جهارا نهارا وأين هم من الذين تجاوزوا تسعيرات الحكومة في المواصلات والرغيف ولم يحركوا ساكنا تجاههم.
كان الأحرى بالذين يطالبون الحكومة بإعادة الأسعار للمشتقات النفطية لسابق عهدها أن يساندوها في تثبيت الأسعار المعلن عنها فالتعاون بين الشعب والحكومة ينبغي أن يكون في تضييع الفرصة على من يريدون التربح من رفع الدعم.. ومطالبة الحكومة بفرض هيبتها من خلال المراقبة المستمرة وفرض الأسعار التي أعلنتها.
إن أرادت الحكومة تفويت الفرصة على الراغبين في أن تدخل البلاد فوضى فما عليها إلا أن تكون حازمة في تثيبت الأسعار فكما استطاعت أن تفرض على الشعب قرار رفع الدعم كيف لا تستطيع إجبار التجار والسائقين على التعامل بالأسعار التي أعلنتها.. فلا يمكن أن تتراخى في تثبيت الأسعار وتطلب من المواطنين الرضوخ إلى رفع الدعم.
إن قرار رفع الدعم تم بموافقة الشركاء السياسيين ولكنهم يخدعون الشعب من خلال التظاهر برفض رفع الدعم في الشارع ويوافقون عليه في الغرف المغلقة هذا تناقض غريب لا ينم إلا عن حب الاصطياد في الماء العكر.. على الشعب أن يعرف أن الأحزاب لا تخدم إلا نفسها فقط.
الكرة الآن في ملعب الحكومة فهي من فرضت رفع الدعم وهي من بيدها تثبيت الأسعار والسيطرة عليها وبدون ذلك سيكون زجاجها أمام مرمى حجر المتربصين بأمن الوطن وهي بذلك تفسح المجال أمامهم لخداع الشعب من جديد.
.نائب عميد كلية التربية والعلوم بجامعة البيضاء

قد يعجبك ايضا