جريمة قتل الأبرياء
الشيخ حسن عبدالرحمن حسانين
جاء الإسلام الحنيف ليحافظ على كرامة الإنسان, ليحفظ عليه دمه وماله وعرضه, جاء ليحرم سفك الدماء البريئة, فلا يجوز للإنسان أن يقتل إنسانا بغير حق, ففي فجر البشرية وفي فجر الحياة قتل الإنسان أخاه الإنسان, فكانت أول جريمة تقع في الأرض, ومن حينها وجد الإنسان الشرير القاتل, ووجد الإنسان المسالم الوديع الذي يقول (لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين) من هنا قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم كفل منها لأنه أول من سن القتل), وعقب القرآن الكريم على هذه الجريمة الأولى بقوله (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أوفساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا), المائدة:23
ليس هناك أي سبب أو مبرر يجعل المسلم يقتل أخاه المسلم لهذا قال تعالى ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه, ولعنه, وأعد له عذابا عظما)النساء93
تأمل أخي المسلم هذه العقوبات الضخمة: جزاؤه جهنم, وهذا لم ير فى أي ذنب من الذنوب ولا كبيرة من الكبائر إلا في جريمة القتل.
ولهذا نجد تأكيد أحاديثه عليه الصلاة والسلام.
فقد روى الترمذى والنسائي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار) وأعجب من هذه ما رواه ابن ماجة أن النبي صلى الله عليه آله وسلم طاف بالكعبة فقال: ما أطيبك وأطيب ريحك وما أعظمك وأعظم حرمتك, والذي نفسي بيده لحرمة المؤمن أعظم حرمة منك, دمه, وماله).
وأن نظن به إلا خيرا, فكيف يجوز في عقل مسلم وفي ضميره وفي دينه تمتد يده الآثمة لتقتل إنسانا بريئا بغير حق¿ بل ورد في حديث ابن مسعود الذي رواه البخاري وغيره: أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء, فأول ما يحاسب عليه الناس في المحكمة الإلهية الدماء والأنفس, وما ذلك إلا لخطرها وعظم أمرها. وأخطر من هذا أن من يقترف هذه الجريمة يحرم من مغفرة الله تعالى, فقد روى معاوية رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال: (كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافرا أو الرجل يقتل مؤمنا متعمدا) فكل ذنب عسى الله أن يغفره إلا هذين الذنبين: ذنب الشرك والموت على الكفر وقتل امرئ مؤمن بغير حق, ويلحق به أن يساعد على قتله ولو بكلمة أو أقل من ذلك, فقد روى ابن ماجة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة لقي الله مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله).
وقال صلى الله عليه وآلة وسلم ” سباب المسلم فسوق وقتاله كفر” فالواجب على كل مسلم أن يكون على حذر شديد في الوقوع في هذا الإثم المبين والذنب الوخيم ألا وهو الاعتداء على دماء المسلمين أو أموالهم أو أعراضهم – وقد كتب رجل إلى ابن عمر – رضى الله عنهما – أن اكتب إلي بالعلم كله فكتب إليه: إن العلم كثير ولكن إن استطعت أن تعلق الله خفيف الظهر من دماء الناس خميص البطن من أموالهم كاف اللسان عن أعراضهم لازما لأمر جماعتهم فافعل.
وعن عقبة بن عامر الجهني – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآلة وسلم: من لقي الله لايشرك به شيئا لم يتند بدم حرام دخل الجنة – رواه الترمذي ويتندى: يصيب منه وينال .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه – أن صلى الله عليه وآلة وسلم قال: لا يحل دم رجل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بأحد ثلاث: الثيب الزاني والتعس والتعس والتارك لدينه المفارق للجماعة) وعن ابن عباس رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة ناحيته ورأسه في يده وأدجه تشخب دما يقول يارب قتلني حتى يدنيه من العرش”.
وعن عبادة بين الصامت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: “من قتل مؤمنا فاعتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا”.
أيها المسلون إننا وفي هذه الأزمنة المتأخرة التي أخبرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن فيها يكثر الهرج قالوا: يارسول الله وما الهرج قال : القتل وهذا ما قد رأيناه واقعا في حياة كثير من المسلمين والعياذ بالله – فلقد سمعنا وقرأنا في كثير من وسائل الإعلام عن انتشار مثل هذه الظاهرة الخطيرة , ألا وهي القتل والاقتتال وسفك الدماء البريئة بدون وجه حق فلربما قتل الجار جاره لأتفه الأسباب ولربما قتل الأب ابنه لأنه لم يتمثل أوامره والابن أباه عياذا بالله , ولربما قتل المسلم أخاه المسلم على قطعة من الأرض ….. ولا حول ولاقوه ألا بالله . وعن ابن عمر – أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ” لن يزال المسلم في فسحة من دينه مالم يصب دما حراما).
فإياك قتل النفس ظلما لمؤمن
فذلك بعد الشرك كبرى التفسد
كفى زاجرا عنه توعد والتفى