العالم بلون ألمانيا !!
عبدالرحمن بجاش
كانت الشمس تدنو من المغيب , أو لعلها أرادت أن تغطس في عمق البحر, في نفس اللحظة التي كانت تسجل حالة تسلل , اغتنم اللحظة مصور ذكي حين سقط لاعب أرضا , وذهب بعدسته الربانية اولا وبعدسة الكاميرا إلى رأس ذلك التمثال الذي يحرس الريو التي أغتسلت بالذهاب في نهائي كان مسكه الألمان , والريو تدليلا ينادي البرازيلي مدينة راديو جانيرو التي تشبه عدن , هم ابقو الجبال متعة للنظر ونحن نحرناها فلل ومفارج !! , كانت الشمس دائرة كبيرة متوهجة وفي وسطها ظهر المسيح تمثالا كبيرا لو دققتم عند قاعدته لرأيتم بشرا يتحركون أنظارهم إلى الماركانا وبعض اللحظات إلى المحيط حيث أودع الله سره !! , كان الماركانا لحظتها ملون بالأصفر والأحمر والأسود والعالم يتلفلف بالعلم الألماني رمز القوة , كنت مبكرا وبعد أن سحقت البرازيل بالسبعة قد سجلت أمامي ( النهائي ألمانيا.. الارجنتين ) والارجنتين لو تعلمون منتخب كبير , ذنبه الكبير ميسي الكبير أيضا الذي تحول من مجرد كبير إلى عقدة للتانغو لا أدري كيف منح لقب أحسن لاعب !! , أما السيليساو وهي كلمة تعني الاختيار والتشكيلة وليس لها معنى يخصهم لوحدهم فقد ظهروا كما لو كانوا فتح بعدان من كانت الأندية هنا تهزمه بـ الـ 13 !! , لحظة فلحظة توزعت ألوان ألمانيا على ذلك التمثال الذي أتخيل مثله على قمة القاهرة بتعز أو بالأصح قمة العروس , لكن شتان بين عقل وعقل , أعجبني تساؤل قحطان محمد في الفيس بوك عما سنبحث عنه وما سيشغلنا بعد انتهاء العالم من كأسه , تساؤل مشروع , والإجابة ببساطة هي أن لنا كأسنا نراه فصولا كل يوم : مباراه حامية الوطيس أمام محطات البترول , مباراة أخرى على ملعب الكهرباء وهذه لا تحسم إلا بضربات الترجيح , وأخرى أمام الغاز , وثالثة ورابعة امام المرتب , وأمام محطات الديزل , وفوق التاكسي , ومباراة لا تقل عن مباراة ألمانيا والارجنتين أمام باعة الكدم , وخامسة وسادسة وسابعة تدور رحاها فصولا على صفحات الصحف , أما المباراة المشوقة والتي يحصل فيها كل مغالطات العالم ففي ميدان ما يسمى بالصحافة الالكترونيه , وهناك مباريات نحسمها بالصميل في نهارات رمضان , وهناك مباريات النميمة , وهناك مباريات تلعب كل ليلة أمام المساجد ملاحقة بين من مع التراويح ومن ضدها , وهناك مباراة مهمة بين الذين يضمون ومن يسربلون , والمباراة النهائية تراها يا صاحبي يوميا في الشوارع حيث إذا اردت قضاء غرض في دقائق فاذا بك تفاجأ بجنان الشوارع يأخذ منك الساعات , ولا تنسى قبل النهائي مباراة الشتم والشتم المضاد بعد عصر كل يوم رمضاني , وهناك مباريات الحروب والحروب المضادة التي يديرها حكام لا يزالون يرفضون المغادره , لا تهتم يا صاحبي فحياتنا مباراة طويلة المنهزم الوحيد فيها نحن , سنجد إذا ما يشغلنا ويقضي على حياتنا سريعا فقد استسلمنا لحكام المباريات , فقط هو السؤال لمن يديرون المباريات : ألا تشعرون بالغيرة على هذا البلد ¿¿ ألا تحسون بالحنق وأنتم تشاهدون العالم كيف يفرح ¿¿ كيف يصنع اللحظة ¿¿ كيف يدير الحياة ¿¿ أقسم بالله أنه قد وصل الوجع إلى العظم , لم أقلها أنا لوحدي بل رددها صاحب حدة في عيادة العيون !!!