التسوية اللبنانية .. حتى إشعار آخر!
عباس غالب
عباس غالب –
ليس غريبا أن يفشل اللبنانيون مجددا في إنتخاب رئيس جديد للجمهورية منذ إنتهاء ولاية الرئيس السابق ميشيل سليمان قبل عدة أشهر وبخاصه اذا لم يكتمل نصاب الفرصة الاخيرة امام مجلس النواب المقرر انعقاده غدا (الاربعاء) حيث ينص الدستور على إنتخاب الرئيس من قبل الكتل النيابية بأغلبية الثلثين .
ولأن إحدى الكتل وهي الممثلة لتحالف حزب الله داخل هذا المجلس تتعمد عدم حضور جلسات إنتخاب الرئيس الجديد إذ تعذر خلال تلك الجلسات المتعاقبة استكمال النصاب ..وبالتالي فإن هذه المعضلة السياسية الناجمة عن عدم التوافق داخل فسيفساء المكونات اللبنانية سوف تلقي بظلالها السلبية على حياة اللبنانيين بصورة عامة خلال الفترة المقبلة شاءت هذه النخب أم أبت !
ومما يضاعف من حدة هذه المشكلة السياسية الاعباء الاقتصادية والامنية التي يتحملها لبنان جراء الاوضاع المتدهورة داخل سورية واستضافة هذا البلد لمئات الآلالف من المهاجرين السوريين إلى داخل أراضيه دون أن يلقى دعما حقيقيا يخفف من أعباء هذه المعانة الإنسانية بامتياز الأمر الذي يحيد الأنظار عن بروز وتفاقم الأزمة السياسية داخل الكيان اللبناني قد تعصف بالأوضاع كليا بسبب عدم التوافق على إنتخاب رجل الرئاسة الأولى .
وإزاء هذه الأزمة الخانقة لابد للأطراف المعنية الجلوس إلى طاولة حوار ومكاشفة قبل الدعوة إلى التئام جلسات جديدة للمجلس النيابي من أجل إعادة طرح أسماء المرشحين لرئاسة الجمهورية وعلى نحو تحرص فيه هذه الأطراف على مصلحة الوطن وتعزيز تماسك وحدته الوطنية قبل أن تبحث في أجنداتها السياسية والطائفية والمذهبية والمصالح الذاتية .. وبحيث تطرح أسماء مرشحة جديدة تحظى بقبول المكونين الأساسيين في الأزمة الراهنة وهما تيار حزب الله وتيار المستقبل وتكون الاسماء المطروحة البديلة للرئاسة الأولى محط توافق هذين المكونين حتى يتمكن مجلس النواب من الانعقاد والتصويت على مرشح الرئاسة التوافقي .
وما لم يصار إلى تعميق روح المكاشفة والمصالحة بين قطبي الازمة اللبنانية فإنه لن يحسم – بالتأكيد –إغلاق هذا الملف .. وسيبقى في دوامة الفراغ الدستوري حتى إشعار آخر ((!)) وهو أمر مؤسف خاصة وأن هذا البلد الشقيق لم يهنأ خلال العقود المنصرمة بفترة من الاستقرار سواء جراء تجاذبات الداخل أو بفعل التدخلات الإقليمية وبما يأثر سلبا على النجاح في تمكين هذه التجربة من البقاء والديمومة وعلى اللبنانيين العيش في خير واستقرار ونماء .. وإلى أن يحين موعد ذلك سيبقى الوضع على ما هو عليه حتى إشعار آخر .