إلى أين تقودنا صراعات انتماءات التخلف!¿
أحمد الزبيري
التحديات والمخاطر التي يواجهها اليمن والمنطقة هي في تصاعدات تداعيات أحداثها المتلاحقة أكثر وضوحا لكل ذي بصر وبصيرة من أن توصف في مقال صحفي أو تحليل سياسي ولكن يبقى من المهم فهم الخلفيات التي أوصلتنا إلى هذه الحالة يمنيين وعربا والأبعاد المستقبلية لما يجري اليوم على وحدة أوطاننا في ظل إصرار بعض القوى السياسية على تعاطيها مع أخطار محدقة يلوح في أفقها مشاريع تقسيمية جديدة تتجاوز حدود “سكس- بيكو” بذات العقلية والتفكير ضيق الأفق في انحصاره برؤى لمصالحها في نطاقات جهوية ومناطقية وقبلية وعشائرية وطائفية ومذهبية وحتى عرقية تشكل الحالة العراقية تجسيدا نموذجيا لها.. طبعا نظرية المؤامرة حاضرة في كل هذا من قوى وأطراف إقليمية ودولية واحتمالية وجود مخططات جاهزة أضحت شبه أكيدة في هذا البلد العربي الذي بات الحديث عن دولة كردية هي قائمة بحكم الأمر الواقع الآن ودولة سنية ودولة شيعية وهي تعود إلى تاريخ أقدم من الاحتلال الأميركي عام 2003م لكن وجوده حول مشروع التقسيم إلى واقع بإعادة صياغته لشكل الدولة العراقية على نحو وضع مدماك مرحلة الانتقال في هذا الاتجاه.
ولأن ليس المقصود به العراق بل المنطقة كلها وهذا يمكن فهمه من الأحداث التي شهدتها سوريا التي وجöه ربيعها في منحى إعادة تفكيكها وفقا لفسيفساء مكوناتها الطائفية والمذهبية والعرقية التي عبرت عنها أحاديث وتصريحات المسؤولين الغربيين وخاصة الأمريكيين الذين اعتدنا دفاعهم في تصريحاتهم عن الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان متى ما اقتضت مصالحهم ذلك لكن هذه المرة كانوا يتحدثون بمنطق استحضر فيه البعد التاريخي والديني في أسوأ مراحل صراعاته التي تعود إلى قرون خلت في بعض جوانبها والمقصود في هذا السياق ليس الحرص على حقوق السنة أو الشيعة أو العلويين أو الدروز أو الأكراد أو المسيحيين مقابل المسلمين وإنما تطبيق لجيو-سياسية جديدة في إطار مفاهيم الشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاقة وحتى لما راج في الأدبيات الغربية من نظريات حول صراع الحضارات والثقافات والأديان في نطاقات صغيرة لم تكن موجودة في أذهان منظري الحقبة الأمريكية بعد انتهاء مرحلة الحرب الباردة من حيث أن المستهدف هي المنطقة العربية.
ما نريد الوصول إليه هو أن لو نجح ذلك في العراق وقبلها في سوريا ستصبح الدول العربية تحصيل حاصل ووفقا لخصوصية كل بلد على حدة.. هنا نحن لا ننفي أن هناك أسبابا وعوامل ذاتية وموضوعية ترتبط بالهيمنة والإقصاء والتهميش ويقوم ذلك على الاستقواء بتلك الانتماءات المتخلفة لمذهب أو عشيرة أو عرق أو قومية والتي تعود بعد أن كنا قد تجاوزناها في مطلع القرن الماضي نظريا من خلال مفكري ما يسمى النهضة العربية وفي خمسينيات وستينيات القرن الماضي بقيام حركات سياسية وثورات انبثقت منها دول أعطت الأولوية للبعد الاجتماعي الاقتصادي السياسي الذي أزاح إلى حد ما تأثير الكيانات الصغيرة لصالح كيان وطني جامع حمل طموحات قيام وحدة قومية عربية لم يكتب لها النجاح لأسباب كثيرة كامنة داخلية وخارجية وتتعلق بحاملي مشروعها لكن هذا لا يعني أن فشلها يستوجب اللجوء إلى حلول تفتيتية تقسم المقسم وتجزئ المجزأ لأن ذلك لن يؤدي إلا إلى خلق كيانات تخوض فيما بينها صراعات عبثية عدمية مدمرة تتصدرها قوى استئصالية إرهابية عمياء ومثالها واضح على امتداد الوطن العربي.