كيف نجعل من رمضان محطة للتقييم ..والمراجعة ¿
محمد العريقي

أيام قلائل ويهل علينا شهر رمضان المبارك ندعو الله أن يكون شهر الخير, والاستقرار النفسي, ومحطة إيمانية تشع منها أجواء الروحانية, بعيد عن القلق الذي يسببه بالدرجة الأولى التدهور الأخلاقي الذي ضرب القيم عند الكثير من الشباب, فصاروا عنوانا للانفلات والاستهتار بأرواح الناس ومضايقتهم في معيشتهم ومصدر نكد لحياتهم من خلال تصرفات وسلوكيات بغيضة منها قطع الطرقات, أو ضرب أبراج الكهرباء, وافتعال أزمة المشتقات النفطية وثانيا التوتر وصراعات العنف, وثالثا المكايدات التي تصاحب الخطاب الإعلامي لبعض القوى السياسية .
لاشك أن الكثير من المواطنين يتسألون هل سيأتي علينا شهر رمضان , وأصحاب القلوب القاسية والنفوس الخبيثة والحاقدة , ولاتزال على طباعها دون أي اكتراث لحرمة هذا الشهر ¿¿ أم أن هذا الشهر الكريم سيكون فرصة لهم للمراجعة ومحطة للتقييم الذاتي والجمعي .
نحن جميعا نتحمل الكثير من الأخطاء , ومقصرون في أعمالنا وتعاملنا مع بعضنا البعض , لكن الرسول صلوات الله عليه يقول { كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون } يعني أن الأنسان يخطئ , ولكن الغلط أن يستمر في الغلط , وهذا ينسحب على كل الأعمال , ولاشك أن أخطرها وأبشعها ما تصدر من إنسان تجاه أخيه الإنسان , وهذا للأسف ما نلمسه ومانعاني منه في أيامنا هذه , وخاصة تلك الأعمال التي تفظي إلى إزهاق الروح المحرمة , وترويع المواطنين وتخويفهم , بل إن كل الذي يحدث سواء بالفعل الخشن والعنيف , أو القول المحرض كل ذلك يدخل في دائرة الجرم الذي يعاقب عليه الله سبحانه وتعالى عقابه الشديد .
اذا ليكون شهر رمضان مدخلا لتجديد حياتنا , وتنمية القيم الخلاقة التي تسهم في جلب السعادة والرضاء النفسي , من خلال الإخلاص في العبادة , و التصالح مع أنفسنا , والتسامح مع كل من حولنا , والابتعاد عن الضغائن والأحقاد , فلا يعقل أن يأتي شهر الخير وهناك من في نفسه حقد على احد , أو متسلط عليه رغبة الانتقام , كل ذلك تهز من إيمان وثقة الشخص بنفسه , والتخلص من هذا البلاء يتطلب شجاعة إيمانية وقوة يقين بالله سبحانه وتعالى .
لست هنا أقوم بدور الواعظ والمرشد , لاو الله , فهذا له ميدانه ورجاله , وهناك منهم أعلم مني بذلك , ولكني حريص أن أذكر بأن الكثير من همومنا ومتاعبنا ومشاكلنا خلفها دوافع وأطماع وأحقاد ورغبات انتقام , جلبت للبلاد والعباد كل هذه المصائب , ونقول لمن لهم صلة بذلك : اتقوا الله في أنفسكم ,وارحموا إخوانكم ووطنكم , اذا كنتم من المسلمين المؤمنين , وتخافون من الله عيدوا إلى رشدكم , واستغلوا فرصة الشهر الكريم للتأمل , والمراجعة , واعملوا كشف جرد لا فعالكم , وقيموا الصح والغلط.
فإذا كان الإنسان العادي مسيرا من الآخرين أو مغرر به , أو متعصبا لفكر أو فكرة أو متكسب أو صاحب مصلحة , ويأتي بأفعال أو أقوال ستؤدي إلى الفتن والضرر بالآخرين , وتهدد من سلامة الوطن , وتعرض أمن المواطن للخطر , نقول له لقد ارتكبت أثمت إثما كبيرا في حق نفسك وظلمت أهلك ووطنك , فتراجع وتوقف عن مثل ذلك .
وإذا كنا نعيد السبب لما يحدث لبلادنا للسياسة والأحزاب , النافذون , والمتطلعون , والراغبون في الجاه والسلطان , نقول لهم : إنكم تتحملون وزرا عظيما , لأنكم تعملون ذلك مع سابق الإصرار والترصد , فعودوا إلى رشدكم , قبل فوات الأوان , والمسالة ليست معقدة , أولا بعقد العزم على ترك هذه المعاصي التي تلحق الضرر بالوطن والمواطن , وثانيا التحلي بروح التسامح , والالتقاء على حب الوطن , والتنازل من أجله , وليكن شهر رمضان المبارك محطة انطلاقة حقيقية نحو إشاعة الأمن والاستقرار , والعمل الجاد للبناء والتنمية .
وفقنا الله جميعا وكل عام وأنتم بخير