اليمن واستحقاق مواكبة المتغيرات
أحمد الزبيري

كثيرة هي المتغيرات التي يشهدها المحيط الإقليمي والعربي والدولي وتتعزز مؤشرات مساراتها وتتضح ملامح اتجاهاتها منذرة بتحولات بدون شك سيكون لها تأثيرات مباشرة وغير مباشرة علينا في اليمن والمطلوب أن تكون القوى السياسية في موقع القدرة على مواكبتها وفهمها واستيعابها والتعاطي معها على نحو يمكنها من توظيفها واستثمارها بصورة إيجابية تلبي ليس فقط تجاوز التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية وإنجاز التسوية السياسية بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني بل والانتقال إلى يمن جديد لا صلة له بالماضي بكل خلافاته وصراعاته لكن هذا يتطلب بالمقابل وعيا متجاوزا من الأطراف والقوى الفاعلة التي بعضها حتى الآن مازالت متشبثة بتلاليب ذلك الماضي متمسكة بإصرار عجيب على رهاناتها التي أثبتت الأحداث أنها خاسرة مبينة عجزها عن فهم ما يجري في منطقتنا والعالم من تغيير متسارع تجلياته ستأخذ مظاهر متعددة في شكل تفاهمات وتسويات لملفات القضايا التي زعزعت الاستقرار على الصعيد السياسي والاقتصادي والأمني بات واضحا أن لا مصلحة لدول الإقليم والمجتمع الدولي من استمرارها مفتوحة.
إن ما يهمنا في اليمن بعد أن نجحنا في حوارنا الوطني هو تجنب كل ما يعيق عملية الانتقال من التوافق النظري إلى التطبيق العملي وهذا سيجعلنا ليس موضوعا لأية تسويات بل مشاركين فاعلين فيها كوننا استطعنا التغلب على صعوبات وتحديات قضايانا ومشاكلنا وإنهاء الأسباب والعوامل التي أدت إلى أزماتنا المتراكمة وأصبحنا في وضع يمكننا من الاستفادة من موقعنا الجيوسياسي للتأثير في هذه التطورات لما فيه مصلحتنا في تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية والبناء الذي ننشده من نظامنا السياسي المنبثق من وثيقة الحوار الوطني والمعبر عنه بصيغة دستورية جديدة تجسد شراكة حقيقية بين كافة اليمنيين في السلطة والثروة وهذه الغاية من الدولة الاتحادية المدنية القوية القادرة العادلة التي معها تزول كل أشكال الإقصاء والتهميش.. دولة مبنية على المواطنة المتساوية و مبادئ الحكم الرشيد.
لكن على مايبدو أن أولئك المصرين على استمرار هيمنتهم أو فرض إرادتهم عبر القوة والعنف والصراعات المسلحة والإرهاب والتخريب والفوضى عاجزون عن الخروج من جزر أفكارهم المتخلفة والمنعزلة عن واقع المتغيرات التي اعتملت وتعتمل في الوطن والمحيط الإقليمي والفضاء العالمي غير مدركين أن هذا السلوك غير العقلاني المتعارض مع منطق التاريخ الذي سيبقيهم خارج سياقاته ولكن على الشعب اليمني إزاحتهم من طريق إنجاز التغيير الذي طالما ناضل وكافح وقدم التضحيات في سبيل الوصول إليه.. هذه المرة عليه أن لا يترك آماله وتطلعاته مرتهنة لسادية القوى المتخلفة التي لا ترى إلا نفسها ومصالحها الأنانية الضيقة ولم يكن يهمها يوما مصلحة الوطن وأبناءه بل العكس كانت تسخر الوطن والشعب لمصلحتها.. لكن هذه المرة الأمر اختلف فالتجارب قد خلقت وعيا جديدا مستوعبا لحقيقة تلك القوى التي لا تصطدم فقط بقوة التغيير في اليمن ولكن أيضا بصيرورته العربية والعالمية.. ولا خيار أمامها إلا أن تبقى في ماضيها الذي فقد إمكانية الاستمرارية أو التخلي عن أوهامه نهائيا لتكون جزءا من المستقبل.