مشاريع العنف والكراهية لا تبني وطنا
كتب/المحرر السياسي

تستوجب الظروف التي تمر بها البلاد ولاسيما الظرف الاقتصادي والأمني من كل القوى السياسية والأحزاب أن تتوقف فورا عن معاركها الكلامية في وسائل الإعلام وأن تلجم خطاباتها المحرضة على العنف والاقتتال إذ أن اللحظة الوطنية لا تحتمل إشعال المزيد من الصراعات بقدر ما تحتاج اصطفافا وطنيا في مواجهة التحديات الماثلة أمام الوطن وفي الصدارة منها التكاتف لقطع دابر الإرهاب وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني.
بل إن من مقتضيات المسؤولية في هذه الظروف أن تثبت كل المكونات السياسية والاجتماعية لأبناء الوطن أنها تعترف قولا وفعلا بحق بعضها البعض في الوجود السياسي والمشاركة في عملية التأسيس لمستقبل البلاد وإنجاز خارطة الطريق التي توافق عليها اليمنيون على طاولة الحوار بعيدا عن خطابات التخوين والتهديد أو أعمال العنف التي تراهن على تحقيق مكاسب سلطوية أو تلك التي تريد استدراج الوطن إلى حروب استنزاف من أجل تلبية رغباتها في السيطرة والاستئثار.
وإذا كان من المهم معرفة أن الوفاق الوطني والشراكة في العملية السياسية لا ينبغي لها أن تستثني أي طرف من الأطراف فإنه من المؤكد أن الدولة بشعبها ورئيسها وجيشها وأمنها ومؤسساتها الوطنية لن تسمح بأي حال من الأحوال بإجهاض مسار المشروع الوطني للدولة اليمنية الجديدة أو محاولة الالتفاف عليه أو اختلاق العراقيل في طريقه أو تشتيت الجهود للحيلولة دون استكماله.
ولعله بات ثابتا للجميع أن واحدا من الأخطار الحقيقية التي تهدد أمن البلاد واستقرارها يكمن بالدرجة الرئيسية في وجود السلاح بأيدي جماعات العنف ومليشياته وفي الاحتكام إليه واستخدامه خارج سلطة الدولة والقوانين النافذة وهو الخطر الذي كانت أقرت به كل الأطراف والقوى السياسية المشاركة في الحوار الوطني ووافقت على وضع حد له ضمن مخرجات مؤتمر الحوار.
وذلك يعني الآن ضرورة التوافق العاجل على آلية واضحة لتفكيك المليشيات والعصابات العنيفة وتسليم أسلحتها للدولة باعتبارها السلطة الوحيدة المخولة بامتلاك السلاح وتأمين حياة كل اليمنيين على حد سواء وكذا المسارعة الجادة إلى تحديث منظومة القوانين والتشريعات المتعلقة بحمل وحيازة السلاح وتطبيقها على أرض الواقع دون السماح بأي استثناءات لفرد بذاته أو جماعة بعينها.
وإذا كان معلوما أن الغاية التي ينشدها اليمنيون من إرساء مداميك الدولة اليمنية الاتحادية الجديدة تتجسد في جوهرها في وجود دولة تكون قوية قادرة على توفير الأمن لمواطنيها وإتاحة سبل العيش الكريم وملتزمة التزاما كاملا بالإعلاء من قيم المواطنة والحرية واحترام القانون فإنه من المستحيل في ظل دولة كهذه أن يسمح الشعب مجددا بازدهار المليشيات أو الجماعات المسلحة أو العصابات العابثة بأمن البلاد والعباد.
غير أن تحقيق مثل هذه الغاية العظيمة يظل رهنا بمدى إيمان مختلف القوى السياسية والحزبية والمجتمعية بالمستقبل الأفضل وبمدى قدرتها على مساندة جهود رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي الرامية لتخطي كل الصعاب والتحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية الراهنة والاصطفاف معه لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني ونبذ مشاريع العنف والكراهية بالاحتكام إلى روح السلم والحوار والشراكة الوطنية.