في نفس المكان
محمد المساح

يحلم صاحبي.. لو يطير من مكانه ويذهب إلى البعيد! وأين البعيد.. تقول له النفس.. أو هكذا يتصور أن البعيد.. هو القريب والأحوال.. تتشابه مع بعضها في العالم كله ما خلا..القياس مع الفارق في الدرجة والنوع.. وتذهب أفكاره.. بالفعل وإلى البعيد والقريب “جمبه” ليس بعيدا إنه أمامه على شماله ويمينه نفس الأشياء.. تزرع الحنين وتزرع فقدان الأشياء.. ونحن نلمسها.. مع قدرة حقيقية على اللمس.. لكن الحواس عند صاحبي لم تعد.. كما كانت تعمل وتجذب الروائح.. هكذا أصبح وبات يقل لي: إن الأشياء فقدت أما هو أو كما يقول لنفسه.. أجري حتى يتقطع النفس يطوى الليل سجادته السوداء.. ويمضي ويقبل النهار توقيت آخر وتحديد آخر للزمن ويقول: الزمن بتبدلاته.. مواقيت ترثي لحالي وحال الإنسان..أما الشمس في نظره فهي “الوقيد” التي تشعل قلب الكون.. فيلتهب البشر في خط سيرها.. ويحاولون الجري والركض بعدها.. تغيب عند الغروب وتعود في الصباح مواقيت زمن.. يظل الليل ويظل النهار وتغيب الشمس تشرق وتعود..وهو يسبل الجفن تعبا كعمود شجرة.. تموت واقفة عجوز تتقطع أغصانها لا تموت واقفة.. تتقطع وتنكسر حطبا يستعمله آخرون..وقيدا في صعد أو تنور.. لا تموت الشمس ولا الليل ولا النهار.. إلا هو المنفصل يموت على حدة في مغامرة مبهمة إمتلك حنينا.. إلى الاتصال المفقود وملكته رغبة متوترة فلا تبع الليل ولا أمسك النهار.