قرون من الضجر
محمد المساح
الكفاح من أجل التحرير والاستعداد للتضحية بالنفس من أجل هدف تجريدي تماما والكفاح العالمي الذي يستثير الشجاعة والفنطازيا والنزعة المثالية ستحل محلها الحسابات الاقتصادية وتحقيق الأحلام الاستهلاكية الأكثر تفننا في فترة ما بعد التاريخ لن يكون هناك فن أو فلسفة بل العناية المتواصلة بمتحف تاريخ البشرية.
فقرة موجزة أوردها “فوكوياما” المنظر الأميركي من أصل ياباني ضمن رؤيته المبكرة لنهاية التاريخ والتبشير بنظام العولمة.. ذلك الهدف إذا.. الذي سعت إليه العولمة وتسعى إليه لا فلسفة ولا فن ولا هدف إنساني نبيل لا قيم أساسية ترتبط بالجانب الروحي للإنسان.. النزعة الاستهلاكية الاستهلاك الأكثر تفننا.. هنا يشير “كوفي عنان” الأمين العام السابق للأمم المتحدة عن الوجه البائس والفاضح لخيرات العولمة:
إن عدد الفقراء الذين يعيشون في فقر مدقع وصل في ظل العولمة إلى ثلاثة مليارات فقير.. كما وصل العمال الذين يعيشون في بطالة إلى مليار عاطل عن العمل.. هذه الحقائق أكدها عنان خلال أحد المنتديات العالمية للتنمية البشرية.
حقائق أخرى أكدها خبراء الأمم المتحدة: “أنفقت الدول الغربية 40 مليار دولار من أجل تدمير يوغسلافيا” مقابل حرب البلقان كانت مساهمة الدول الغربية في مكافحة الإيدز في أفريقيا 1%من هذه النسبة.
هذه النتف المعلوماتية نقطة من بحر العولمة التي خلقت وأشعلت الحروب الأهلية هنا وهناك وذلك حتى تثبت انتقال البشرية إلى المتحف البشري.
إذا.. هذه هي العناية المتواصلة من جانب العولمة بمتحف التاريخ البشري موت تعميم الفقر إبادة إحلال فنون الاستهلاك في عالم يموت أناسه من الجوع ونتساءل: هل هذا ما قصده “فوكوياما” عن نهاية البشرية ونهاية التاريخ¿
يتساءل فوكوياما نفسه وهو يستعرض رؤيته ولا تدري هل يستدرك الأمر نظريا.. أو حدس المنظر حين يقول:
“إلا أن شيئا من قتامة المصير البشري قد تبددها عودة التاريخ من جديد وإلا فإن قرونا من الضجر ستنتظر البشرية!”.
متى يحدث ذلك وكيف¿ ذلك ما لم يفصله ذلك المنظر.