يافع والرأس رافع

أحمد غراب

 - من يقرأ في تاريخ يافع ويطوف في أرجائها ويتأمل عاداتها وتقاليدها وحكاية الإنسان فيها وطبيعتها بما فيها من سحر وغموض يجد نفسه في بحر ما له أول من آخر.
من يقرأ في تاريخ يافع ويطوف في أرجائها ويتأمل عاداتها وتقاليدها وحكاية الإنسان فيها وطبيعتها بما فيها من سحر وغموض يجد نفسه في بحر ما له أول من آخر.
قرأت في كتب التاريخ كثيرا أما في يافع فشاهدته حيا يمشي على قدمين.
في البدء شدني الطراز المعماري اليافعي تجد فيها الحجارة كما لو كانت مرسومة بريشة بيكاسو أو رائد من رواد الرسم عبر التاريخ.
بيوت منظرها جميل تبدو من جمالها كتلك التي كنا نشاهدها ونحن أطفال في قصة اليس في بلاد العجائب.
قبل سنوات شدني تحقيق صحفي عن قبيلة في يافع اندهشت وأنا أشاهد صور أفرادها كما لو كنت أطوف تلك اللحظة داخل أسوار الحضارات القديمة واقف أمام تاريخ له عبقه وسحره الأصيل الذي لم يتغير ولم تفسده الحياة المدنية وتكنولوجيا عصر السرعة.
في موسم المطار ترى خيوط شلالات المياه وهي تتساقط من قمم الجبال والمرتفعات كما لو كانت ثوبا مطرزا بخيوط اللؤلؤ.
حين تعود للتاريخ تجد صورا للبن اليافعي الشهير ثم تباغتك مناظر البن اليافعي الذي مازال يزرع حتى اليوم.
إلى الفنون والتقاليد تجد الجنبية اليافعي الصيفاني والبرع اليافعي ومختلف أنواع الرقص اليافعي والزوامل والعادات القبلية والاكلات الشعبية والأزياء وكل التقاليد الموروثة التي مازال بريقها يشع ويزداد ألقا.
ما بين وديانها وجبالها وحقولها وحكاياتها وأساطيرها وأبنيتها القديمة والحديثة وخضرتها وسيولها وقبائلها تبدو يافع خارجة للتو من صفحات التاريخ العتيق بكل ما فيه من أصالة وبريق.
يافع اليهري والكلدي واليزيدي والناخبي والسعدي والمفلحي والحضرمي والبعسي والظبي والموسطي.
حتى الحجارة فيها تكاد تنطق وقفت مليا وانا اتأمل صورة حجر يسمى ” القمع ” باللهجة اليافعية موجود في ” العياسئ ” يطلقون عليه اسم ” قمع الناعيه ” فمن هي الناعية ¿!!
شعرت وانا اتأمله كما لو كنت أقرأ قصة من قديم التاريخ لامرأة تبدو في غاية النبل تحمل على ظهرها هموم السنوات المتراكمة منذ ازل التاريخ.
في الاسطورة اليافعية والحكايات التي يتداولها كبار السن محمد عن ” قمع الناعيه” يقولون انها كانت امرأة في يوم زواجها تمشي مع مرافقيها من الشواعه واهلها واختفت في هذا المكان فلم يجدوها ووجدوا هذا القمع وكانوا يسمعون البكاء والصياح.
وسواء كانت هذه الحكاية صححة ام لا فالإحساس الذي ينتابك وانت تنظر في هذه الحجارة والصورة المرسومة عليها التي يطرق لها القلب يحكي لك ما لم تحكه الكتب ويجعلك تشاهد بعينيك ما لم تسمعه في الاساطير.
هي حكاية من تاريخ يافع ونقطة من بحر حضارة يافعية ممتدة منذ مئات السنين.
اذكروا الله وعطروا قلوبكم بالصلاة على النبي
اللهم ارحم ابي واسكنه فسيح جناتك وجميع اموات المسلمين
Ghurab77@gmail.com

قد يعجبك ايضا