النظام الإداري في ظل الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر..!!
عبدالرحمن سيف إسماعيل
قامت الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر على أنقاض هيكل إداري يفتقر إلى أبسط المقومات الإدارية ولهذا مثل قيام الثورة مشروعا وطنيا جبارا لبناء دولة وطنية ديمقراطية حديثة تتمتع بقوة الحضور الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وقوة البقاء والاستمرارية وهو المضمون الذي شكل روح الثورة ونبضها وقد تجسد فعلا في مبادئ وأهداف الثورة والتي تتطلب بالضرورة خلق شراكة حقيقية مع جميع أفراد المجتمع حكم الشعب نفسه بنفسه الذي لا يمكن أن يتحقق بمبعد عن الشراكة الاجتماعية والديمقراطية.
والشراكة الاجتماعية لا تتحقق إلا من خلال قيام وتفعيل المؤسسات الوطنية والأوعية الديمقراطية القائمة وغير المفعلة وعلى وجه الخصوص مجلس النواب والمجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني وفي مقدمتهم رؤساء الوحدات الإدارية وعلى الرغم من حالة الصراع والعنف الذي زامن انطلاق الثورة.
وشكلت الحرب كبحا لمضمونها الديمقراطي في الوقت الذي ظل النظام الإداري فيه أسير الإدارة المحلية المقيدة والأفكار والطموحات الملازمة لها تقدمت خطوات كبيرة في الجنوب نحو الحكم المحلي واسع الصلاحيات والذي شكل أساسا للدولة اليمنية الحديثة التي ظلت تشكل جوهر الخطاب السياسي والديمقراطي للقوى الثورية شمالا وجنوبا ولاتزال تشكل إحدى مفردات الخطاب السياسي الجديد لمختلف الفعاليات الوطنية والسياسية.
ودخل الجدل حول أشكال النظام الإداري والديمقراطي بعد الوحدة مرحلة جديدة من التطور سيما بعد قيام نظام السلطة المحلية 2001م حيث اكتسبت الإدارة المحلية في ظله قوة دفع لم تكن موجودة من قبل أو بالأصح أخرجت السلطة المحلية من الرؤية السياسية الضيقة للإدارة المحلية مرحلة التدخل غير الواضح لتجعلها رؤية قائمة على أسس وقواعد لها سماتها المميزة التي تشكل بمجموعها عنصرا من عناصر الفعل الاجتماعي والاقتصادي في إطار سياسي واضح الحدود والمعالم وإذا أحسنا ترجمتها على صعيد الواقع ستصبح الإدارة المحلية بالضرورة الانطلاقة الحقيقية لبناء مؤسساتنا الديمقراطية القائمة على رؤية صائبة وواعية وموضوعية لمختلف القضايا الإدارية والإجتماعية والإقتصادية المتطورة.
فالسلطة المحلية واللامركزية الإدارية والمالية أصبحت في ظل هذه التوجهات خيارا لا رجعة عنه بل جزء من التزامات الثورة السياسية والتنظيمية تجاه المجتمع وجزء من واقعها وفكرها الحديث.
ونظام الإدارة المحلية في الجنوب أيضا بعد الاستقلال مباشرة حمل معه رؤية متقدمة للواقع الذي ينبغي أن يكون معه واقع الثورة الجديدة وتطورات الإدارة المحلية في إطار الحكم المحلي واسع الصلاحيات الذي أصبحت في ظل المؤسسات الوطنية منتخبة.
فقانون الحكم المحلي في الجنوب أفسح المجال واسعا أمام المشاركة الشعبية في صنع القرار حيث تضمن القانون إنشاء مجالس شعبية محلية في المحافظات والمديريات والمراكز وهذه خطوة إيجابية على طريق الديمقراطية وتعزيز دور المشاركة الشعبية ومجالس الشعب المحلية هي الأجهزة العليا لسلطة الدولة في المحافظات والمديريات المراكز.. وتتولى قيادة البناء الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في مجال اختصاصاتها وتنتخب مجالس الشعب المحلية في انتخابات حرة عامة.. متساوية ومباشرة وذلك من قبل المواطنين الذين لهم حق الانتخاب وتنتخب مجالس الشعب المحلية مكاتب تنفيذية بمثابة أجهزتها التنفيذية والإدارية.
ووفقا لهذا تتركز صلاحيات مجالس الشعب المحلية في انتخاب أجهزتها التنفيذية والإدارية التي تعتبر الأجهزة الفنية والإدارية لهذه المجالس وهذه خطوة متقدمة جربت وهي أكثر ارتباطا بالواقع باعتبارها منتخبة ومن داخل الوحدة الإدارية وكل مجلس من هذه المجالس وفي مختلف مستوياتها الإدارية تنتخب لها مكاتب تنفيذية فتظل الوحدة الإدارية بموجب هذه العملية الديناميكية تضع حراكا اجتماعيا وسياسيا وتنمويا متواصلا.
ويمارس مجلس الشعب الأعلى وهو سلطة تشريعية عليا.. سلطة الإشراف والرقابة على مجالس الشعب المحلية من حيث التزاماتها بالدستور والقوانين ويمارس مجلس الوزراء سلطة التوجيه والإشراف على المكاتب التنفيذية لمجالس الشعب المحلية ويتولى تنسيق أعمالها ويقوم مجلس الوزراء بتأمين المحافظة على المصالح العامة للدولة في عمل المكاتب التنفيذية بمجالس الشعب المحلية.
إذا مجالس الشعب ترتكز على معطيات شعبية ذات بعدين محلي وتنفيذي وكلا المعطيين يقدمان على الانتخاب الديمقراطي الحر الأول من قبل الجماهير مباشرة والثاني من قبل هذه المجالس المنتخبة.. الأول هو الأساس ويؤدي مها