رواية (عداء الطائرة الورقية) نموذجا

?بشير زندال

اشتهرت راوية عداء الطائرة الورقية للمؤلف الامريكي من اصل افغاني خالد الحسيني شهرة ليست عادية. فقد بيع منها ملايين النسخ حين نشرت عام 2003. وترجمت إلى أكثر من 42 لغة.
تدور احداث الرواية حول الطفل أمير (من قبائل الباشتون)وصديقه حسان (خادمهم في البيت وهو من العرق الهزاري) في وصف (ليس بالمفصل) لمجتمع أفغانستان قبل دخول الاتحاد السوفيتي إليه. وصف المجتمع الافغاني ومدى التقدم الذي وصل إليه. كان المجتمع الافغاني ينظر إلى طبقة (الهازار) بنوع من الاحتقار (وهو ما جعل طالبان ترتكب مجازر تطهير عرقي ضدهم فيما بعد) ولذلك فإن الاطفال لم يتحملوا حسان الهازاري صديق أمير واعتدوا عليه عدة مرات.
أظهرت الرواية صداقة حسان لأمير وتضحيته الشديدة بنفسه من أجل أمير حتى انه تعرض للإغتصابمن قبل آصف (الذي سيتحول فيما بعد إلى قيادي في طالبان) تضحية وفداء لصديقه أمير. كان امير يشاهد ذلك. لم يستطع بعد ذلك رؤية حسان أمام وجهه فعقدة الذنب أنه ترك حسان ولم يدافع عنه عذبته . لذلك دبر مكيدة سرقة اتهم فيها حسان. غادر حسان وأبوه منزل أميرعلى إثرها.
بعد الغزو السوفيتي لافغانستان في السبعينيات فر أمير ووالده إلى باكستان ومنها إلى أمريكا وهناكبداو حياة جديدة. وتعرف أمير على ثريا إبنة الجنرال وتزوجها .. واستمرت حياتهم حتى عام 2001 حينما جاءه اتصال من باكستان كي يعود وعاد ليعرف ان أبوه قد نام مع الخادمة وقد انجبت له حسان الذي هو اخوه غير الشقيق وأن إبن حسان الان في ملجأ في كابول بعد وفاة حسان ويجب عليه أن يذهب لإحضاره. ويغامر بالذهاب إلى كابول ويعرف ان (سوهرابإبن حسان) لدى أحد قيادات طالبان. حين ذهب للقاء هذا الطالباني لم يكن سوى (آصف صديق الطفولة الشرير) يتعاركان ويتدخل الطفل في اللحظة المناسبة وينقذ امير ويهرب معه ويذهب به إلى أمريكا ليعترف أمام الجميع بانه أخوه. وتنتهي الرواية بهما يلعبان بالطائرة الورقية على العشب في كالفورنيا.
منذ مدخل الرواية الذي يصور أمير عام 2001 وهو في أمريكا (بلاد النعيم) يستقبل إتصال من رحيم خان صديق والده القديم يطلب منه العودة لباكستان والراوية توضح لنا الفرق بين بين (أمريكا) البلاد الحاضنة كأم رحيمة وافغانستان الطاردة كحيوان جارح. تطرق الكاتب في روايته للإحتلال السوفيتي ومساوئه حتى أنه حمله مسؤلية قطع الاشجار في افغانستان. وتطرق لدخول طالبان لمواجهة السوفييت ولكنه لم يتطرق ابدا بالدعم الكبير الذي قدمته أمريكا سواء دعم مباشر أو غير مباشر (عبر الدول الاسلامية وارسال المجاهدين) لطالبان. ولم يتطرق أن الحرب كانت في الحقيقة (امريكية روسية في فترة الحرب الباردة) لكن على ارض اجنبية. لم يمس الكاتب صورة امريكا أبدا. ولا حتى الدول العربية التي ارسلت مجاهديها. فقط طالبان. وكانهم قد تناسلوا من المتشددين الموجودين في افغانستان حتى من زمن ما قبل الغزو السوفيتي.
لكن بالمقابل تم تشويه المحتل السوفيتي وتحميله أوزار زعزعة الاستقرار في افغانستان بل وحتى رسمه بصورة حقيرة في نقطة التفتيش مقابل ان يسمح للعربة المليئة بالرجال والنساء أن يعطوه إمرأة أفغانية ليقضي معها نصف ساعة. وحينما سأله ابو امير عن حياءه رد بأنه لا حياء في الحرب.
الرواية في مجملها ركيكة البناء ويبدوا تأثر الافلام الهندية في كاتب الرواية خالد الحسيني وهي اول عمل له ينشر. يبدوا التأثر بالافلام الهندية في قصة أمير مع صديق طفولته إبن الخادم الذي يكتشف فيما بعد انه أخوه. وفي آصف شرير الطفولة الذي يلتقيه هو في كبره وهو قيادي في طالبان يمارس القتل. وفي سوهرابإبن حسان حين أنقذ أمير بنفس الطريقة التي انقذ أبوه أمير من قبل.
وركاكة الرواية بهذه الصورة تجعل نتسائل جديا كيف حققت مبيعات قياسية (40 مليون نسخة في 34 بلد ليس بالرقم البسيط). وكيف ترجمت إلى اكثر من 42 لغة. هل القارئ في كل مكان سطحي إلى هذه الدرجة¿
تكمن الاجابة في ظروف نشرها .. الزمان والمكان. نشرت في 2003 بعد عام ونصف تقريبا من إحتلال أمريكا لافغانستان في 7 اكتوبر 2001. حينها كان الصراع على اشده بين الرافض للحرب على افغانستان والمؤيد للحرب هناك إنتقاما من طالبان بعد احداث 11 سبتمبر. جاءت الرواية (على الجرح) للقارئ المتشكك من مسالة الغزو. حينها كان كل أمريكي يتسائل: (لماذا غزونا افغانستان¿) جعلت من اغلب الامريكيين يقتعنوا انهم احسنوا صنعا حين احتلوا افغانستان وخلصوا المجتمع الافغاني من طالبان. حين نشرت الرواية فتحت لها المعاهد والجامعات ومراكز الدراسات ابوابها لتدار فيها عشرات لحلقة النقاشية حول الرواية وحول افغانستان. البروباجاندا الاعلامية التي تبنتها الإدارة الامريكية بطريقة غير مباشرة(عبر الجامعات ومراكز الداراسات) جعلت الراوية كانها أهم كتاب في ذلك العام. ولهذا انتشرت وبيعت منها ملايين النسخ. ونهاية الرواية حين استقر أمير مع إبن أخي سوهراب في امريكا (الفردوس

قد يعجبك ايضا