رحيل الأديب الكبير عبدالرحمن عبدالكريم الملاحي
حضرموت / أحمد سعيد بزعل
حضرموت / أحمد سعيد بزعل –
رحل يوم أمس الأول عن دنيانا الفانية شخصية علمية موسوعية نادرة كانت لنا معينا من المعارف وكنزا من العلوم والخبرات والتجارب.
رحل عنا الشخصية الأدبية العلمية الفنية الثقافية البحثية الأستاذ الرائد عبدالرحمن عبدالكريم الملاحي أحد أعلام حضرموت واليمن والجزيرة العربية في مجالات التربية والتاريخ والتراث والمسرح والثقافة عموما
رحل عنا متأثرا بمرضه العضال الذي ألم به في الأشهر الأخيرة فغاب اليوم نجم من سمائنا في وقت نحن في أمس الحاجة إلى وهجه وتنويره وإرشاده..
الأستاذ الرائد عبدالرحمن عبدالكريم الملاحي شخصية فذة أعطت عطاء شاملا صدرت له العديد من المؤلفات والأبحاث والدراسات التاريخية والتراثية و شغل مناصب متعددة كمدير عام لإدارة الثقافة بحضرموت وقبلها مدير للثقافة بالشحر وغيرها من المناصب الرفيعة في ميادين المسرح والفنون والمتاحف رغم تواضعه وزهده في البحث عن المناصب التي كانت هي التي تبحث عنه .
الأستاذ الملاحي له بصمات واضحة في تدوين تاريخ الأمكنة التراثية و خدمة المتاحف والمخطوطات , وقد دأب على البحث والدراسة والعمل الدؤوب فأضحى مصدرا من المصادر التاريخية الحضرمية ومرجعا أصيلا يقصده الزوار من الباحثين والدارسين المحليين والعرب والأجانب .. ومنذ صباه شغف بحب الاطلاع ولا عجب فقد أبصر الوجود في أكتوبر عام 1936م وأمامه في المنزل مكتبة عامرة بالمراجع الدينية والفقهية وكتب التراث العربي لوالده العلامة مفتي مدينة الشحر الشيخ الجليل عبدالكريم الملاحي فنشأ على حب القراءة والإطلاع وتشرب المعرفة من مناهلها الصافية وأنكب على الدرس والتحصيل حتى أصبح بحرا زاخرا من التاريخ والثقافة والمعرفة والنباهة والذكاء ولكن الدرس المؤثر الذي تركه والده في نفسه هو الجد والانضباط والتواضع .
كان الأستاذ الملاحي إذا تحدث أو ألقى محاضرة يتدفق كالسيل وهو بحق محط إعجاب الناس لثقافته الموسوعية ولكتاباته التي يصوغها بالسهل الممتنع فتتغلغل في أعماق النفس وتستقر في صميم الوجدان حاملة المتعة والفائدة , ولأن شخصية العلامة والده وتواضعه واجتهاده هي جزء من تكوينه الشخصي فأضحى استاذنا عبدالرحمن الملاحي بحق سحابة من الجود والعطاء وذخرا للثقافة وسندا للمثقفين لا يبخل بالمعلومة ولا بالفكرة ولا بالمرجع لمن يحتاج إليه وهو سام بحق سمو أخلاق ومواقف وريادة وأصالة .
إن جهود الأستاذ الملاحي ودوره في إرساء الوعي الثقافي والتراثي والتاريخي من خلال المناصب الرفيعة التي تسنمها والدراسات والأبحاث والكتب والمقالات التي أصدرها والمحاضرات الكثيرة التي ألقاها ومساهمته في ترسيخ القناعة بأهمية تراثنا وحضارتنا وتاريخنا.
الأستاذ الأديب الباحث المسرحي الموسوعي عبدالرحمن عبدالكريم الملاحي عضو مؤسس لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين واتحاد الفنانين اليمنيين واتحاد المسرحيين اليمنيين وكان رئيس جمعية حماية الآثار والتراث بمدينة الشحر له عدد من الأبحاث المنشورة في التاريخ والاجتماع وفي الملاحة البحرية , ومن بين مؤلفاته المشهورة كتاب الحضارم في ممباسا ودار السلام – 1960م وكتاب ملامح من التداخل المعرفي بين ربابنة اليمن وعمان وغيرها من الكتب و له عديد من الدراسات والأبحاث التاريخية والتراثية المنشورة في الصحف والمجلات وبعضها مازال مخطوطا إلى الآن , له مساهمات واهتمامات متنوعة في ميدان الثقافة فهو كاتب قصة ومؤلف مسرحيات بل و ممثل مسرحي أيضا وانتخب أمينا عاما لاتحاد المسرحيين اليمنيين وأرخ للمسرح في حضرموت واليمن وزار عددا من البلدان العربية والأجنبية ممثلا عن اليمن في المؤتمرات و الندوات الثقافية.
رحم الله فقيدنا الغالي عبدالرحمن عبدالكريم الملاحي وألحقه بالصديقين والصالحين من عباده في أعلى جنانه وألهم أهله وذويه وتلامذته وكل أحبائه الصبر والسلوان وجزاه الله عنا خير الجزاء . إنا لله وإنا إليه راجعون.
