سقطرى … المحافظة رقم (22)
أ.د/ عزيز ثابت سعيد
أسعد قرار الأخ رئيس الجمهورية القاضي بتحويل جزيرة سقطرى إلى محافظة أهل سقطرى وكل محبي سقطرى ذلك أن تحويل هذه الفاتنة القابعة وسط البحر إلى محافظة يعني انتشالها من حالة البدائية التي تعيشها خدماتيا وتحويلها إلى منطقة جذب سياحي بفعل ما سيأتي بعد هذا القرار من بنية تحتية وخدمات اجتماعية وصحية وتعليمية.
إن سقطرى الجزيرة تعد من مظاهر الإبداع الرباني الجلي بما أودعه الله سبحانه من جمال صبه صبا في شواطئها وتلالها وهضابها وسهولها وكذا كهوفها ومغاراتها جمالا تغنى به كل من وطئت قدماه رمالها الناعمة وشواطئها الساحرة وسهولها المطيرة عبر التاريخ من يمنيين وغير يمنيين. كما أن تفرد الجزيرة البيئي المتمثل في ندرة بعض نباتاتها وأعشابها الطبية والعطرية وطقسها البديع يجعل منها قبلة سياحية وترفيهه وعلمية أيضا فالدراسات تشير إلى وجود ما يربو عن 700 نوع من النباتات والأعشاب الطبية وأكثر من مائة نوع من الطيور التي لا يرى بعضها إلا في هذه الجزيرة. أما عن التنوع الجغرافي في هذا الأرخبيل فالحديث عنه يحتاج إلى مقالات عدة فشواطئ الجزيرة التي تمتد لأكثر من 300 ميل تتميز برمال ناعمة تحوطها أشجار وارفة الظلال ونخيل باسقات تجري خلالها المياه العذبة في صورة تخلب اللب وتبهج القلب أما بحرها فأسماكه النادرة ومحاراته وقواقعه ونوارسه ونسيمه العليل تجعل منه مزارا لعشاق الصيد وهواة الغوص ومحبي التأمل. كما أن متسلقي الجبال لهم نصيب أيضا فالجزيرة تثبتها أوتاد (جبال) مختلفة العلو تتراوح ارتفاعاتها ما بين 500 متر إلى أكثر من 1300 متر ولمحبي الوديان وخضرة السهول ما يشدهم ويبهج نفوسهم فشلالاتها دائمة الهدير وكهوفها المتعددة لا يوصف جمالها فمن رام هواء عليلا غير ملوث بكوارث التكنولوجيا فعليه بسقطرى ومن رام التشافي من آلآم وأسقام الحياة النفسية فسقطرى وجهته وبغيته ومن ابتغى دراسة الحياة النباتية والإيكولوجية بوجه عام فسقطرى سفر ومخزون هائل لدراسات علمية في مجالات شتى.
أما وأن القرار قد صدر وهو من المفاجآت السعيدة فإن المؤمل أن تسارع المؤسسات والهيئات لفتح مكاتب لها في هذا الأرخبيل لكن نود أن تكون الكوادر التي سوف تدير هذه المكاتب من أولئك الذين يعشقون بلادهم لا جيوبهم من أولئك الأكفاء الشرفاء لا من أولئك الذين تسللوا بفعل انتماءاتهم الحزبية أو القبلية أو الشللية إلى مفاصل الدولة ومكاتبها وبعضهم يشمت فيه الغباء وليس أيضا من ذلك الصنف الذي لا تجد فيه ذرة انتماء لهذا الوطن فكل هؤلاء – وهم أغلب من يديرون مؤسساتنا اليوم – قد أحالوا عيشنا مرا.
إن هذه الجزيرة اليمنية المسكونة بقبائل يمنية عريقة انحدرت من حمير ومن غير حمير بحاجة إلى بنية تحتية رصينة وفي كل المجالات: التعليمية والصحية والسياحية وغيرها بحاجة إلى مدارس نموذجية وإلى معاهد لغوية وكلية مجتمع وتربية تخرج لنا مهارات وليس حملة شهادات لا عمل لهم ولا احتياج تحتاج الجزيرة مرشدين سياحيين ملمين بالإنكليزية والفرنسية والإيطالية وغيرها من لغات العالم التي تخدم السياحة والسياح تحتاج مخرجات تعمل في فنادقها وشاليهاتها ومطاعمها وحتى في أكشاكها ومقاهيها يعملون بكفاءة لغوية وحس إداري- سياحي راق. وبمعنى آخر الجزيرة بحاجة إلى نظام تعليمي رصين مغاير لنظامنا السقيم الذي خرج مئات الآلاف من العاطلين نظرا لسوء التخطيط في نظامنا التعليمي فجامعاتنا تخرج عشرات الآلاف سنويا في تخصصات نظرية لا تلاقي أي قبول في سوق العمل اليوم الذي يطلب مهارات وليس شهادات نظرية وقد ينتهي الأمر ببعض هذه المخرجات في براثن القاعدة وغيرها من الحركات المتطرفة التي تريد أن تورد هذه البلاد موارد الهلاك وهذا ما يجعلنا حريصين كل الحرص أن لا تنتقل هذه العدوى إلى هذه الجزيرة.
لابد أن يكون لهذه المحافظة نظرة جديدة ورؤية جديدة ونظم جديدة علها تكون نموذجا لما يمكن أن يكون عليه الحال في يمن ما بعد الحوار فهلا جعلت أيها الأخ الرئيس من سقطرى تجربة لمحافظة مدنية متمدنة خالية من سلطة القبيلة وتضارب الأحزاب والفئات خالية من سلطة القات وسطوته خالية من التسيب المالي الإداري وخالية من مظاهر حمل السلاح حتى الأبيض منه (الجنابي).
نريدها جزيرة عامرة بمؤسسات خدمية عالمية محافظة تصبح قبلة للسياحة الداخلية والخارجية عندها سترون كيف أن هذه المحافظة ستدرعلى خزينة الدولة موارد تفوق تلك التي تأتينا من أبيار النفط فهلا أكملت جميلك يا فخامة الرئيس¿