اليسار.. التحديات الجديدةوأوهام البقاء في جلباب القوى التقليدية
عبدالرحمن سيف إسماعيل
> انعقد ولأول مرة في صنعاء على مدى يومين 28و29 اغسطس 2013م مؤتمر اليسار اليمني بمبادرة خاصة من المنظمة اليمنية للشباب التقدمي التي ترأسها الأديبة والناشطة والقائدة الاشتراكية المجددة بشرى المقطري التي أصبحت محل نقد الكثير من القوى السياسية والدينية التقليدية بما فيهم رفاق لها في الاشتراكي بسبب نزوعها التجديدية وانتقاداتها اللاذعة لحالة الرتابة والجمود الثقافي والتنظيمي الذي يعيثه الحزب ومختلف قوى اليسار باعتبار أن الحزب الاشتراكي هو أكبر وأبرز هذه القوى وأكثرها حضورا في المشهد السياسي والاجتماعي والثقافي وهو صاحب المبادرات التاريخية في التغيير وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة ولا يزال الداعي الرئيسي لها.
والمؤتمر بحد ذاته كان ضرورة حتمية وسياسية ملحة من مختلف وجهات نظر المشاركين الذين كانوا أكثر حماسا لاستعادة الدور التاريخي لليسار اليمني ومبادراته الثورية على مختلف المستويات الثقافية والفكرية وكان هنالك إجماع كلي من مختلف التوجهات والتيارات السياسية بأن الحزب الاشتراكي اليمني هو معقل اليسار اليمني الأول ونبضه وروحه وعقله المفكر والاشتراكي تطور بفضل العديد من العوامل التاريخية من مرحلة الشتات التنظيمي إلى الوحدة التنظيمية في إطار حزب سياسي طليعي واحد. فقط القليل الذين تحدثوا عن بعض الفصائل القومية الأخرى التي تنتمي إلى اليسار واشتركت في أدوار تاريخية مختلفة مع الاشتراكي.
ومع هذا فقد تولد لدى العامة شعور جارف بضرورة أن يكون هنالك يسار قوي يعاد بناؤه على أسس علمية جديدة وفقا لحاجات الواقع والقوى الحية التي تقود التغيير حاليا.
فالضرورة التاريخية التي وحدت الجهة القومية وحزب الطليعة الشعبية واتحاد الشعب الديمقراطي في الجنوب في إطار التنظيم السياسي الموحد الجبهة القومية ووحدت الحزب الديمقراطي الثوري اليمني ومنظمة المقاومين الثوريين وحزب الطليعة الشعبية وحزب العمل اليمني واتحاد الشعب الديمقراطي في الشمال في إطار حزب الوحدة الشعبية والتنظيم السياسي الموحد الجبهة القومية وحزب الوحدة الشعبية في إطار الحزب الاشتراكي اليمني كحزب طليعي من طراز جديد.
ووحدت هذه القوى الشمالية مجتمعة مع قوى يسارية قومية في إطار الجبهة الوطنية الديمقراطية والضرورة التاريخية ذاتها لا تزال قائمة وملحة لتوحيد كافة القوى والتيارات اليسارية الأخرى في إطار كتلة مدنية ديمقراطية حديثة باعتبار أن الواقع يتجه نحو خلق يسار فاعل ذي تأثير وقابلية ليكون قادرا على استنهاض الواقع ويستوعب مختلف القوى المدنية ذات النزعات والتوجهات اليسارية. ويتطلب من هذه القوى أولا تحرير نفسها من الرتابة والتقوقع والجمود والإحباط والاستسلام للصورة المعتمة التي رسمتها لها القوى التقليدية والمتفيدون لتاريخهم عن اليسار في محاولة لتجريدهم من ثقافتهم الوطنية والدينية.
وكان بعض إخواننا اليساريين المحسوبين على التيار القومي أكثر الحاضرين حرصا على بقاء اليسار تحت جلباب الأفكار التقليدية واللاهوتية معتقدين أن هذه الأفكار أكثر قدرة على إخراج اليسار من ضعفه ووصفه الروتيني.
وهذا في تقديري من أكبر الأخطاء القاتلة لليسار فاليسار إذا ما اراد فعلا مغادرة ضعفه فعليه أن يعود إلى قواه الشعبية صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير والتي تأسس اليسار من أجلها «عمال وفلاحين ومثقفين ثوريين وفقراء ومهمشين ومستبعدين اجتماعيا وبرجوازية صغيرة» بالإضافة إلى الطبقة الوسطى التي تعد الرافعة الحقيقية للتغيير أو الحامل التاريخي للتغيير كما يتطلب تحرير هذه القوى من سيطرة قوى الهيمنة الاجتماعية والسياسية والدينية والمذهبية والتي تعتمد بدرجة أساسية على البهررة والعنجهية الكاذبة فالبلد تحتاج فعل إلى يسار يعلو من شأن اليسار ويعيد إليه قوته وألقه وحيويته وديناميكيته لا يسار مستسلم خانع ومنقاد لمن اختطفوا تاريخه وأحلام جماهيره وفقرائه .. نريد يسارا يصنع التاريخ الجديد ويقود التحولات الجديدة ويمضي قدما صوب التحرر من الاستبداد والهيمنة والاتكالية كما هو اليوم في أوروبا ودول أمريكا اللاتينية وغيرها من دول العالم.
وعلى الرغم من أن المؤتمر كان عبارة عن ظاهرة سياسية واجتماعية وثقافية مهمة إلا أن المنظمين وبسبب الكثير من العوامل ومحدودية الخبرة والتجربة كانت الرؤية ضبابية وغير واضحة لديهم لذلك كان ضمن الحضور عناصر لا علاقة لها باليسار أو الفكر اليساري وربما أن البعض ممن كانوا يحملون ثقافة إقصائية ولا هوتية متعارضة مع الثقافة المدنية السلمية ومنهم قيادات في أحزاب مفرخة ناصبت اليسار العداء تاريخيا وع