أهل الكـــهف …الرحلة الخـــالدة
استطلاع / هشام المحيا

يبلغ طول الكهف حوالي 2300 متر ومسجده الأثري مهدد بالانهيار
رحلة ملؤها شوق وإثارة كان الهدف منها معرفة الموقع الجغرافي لأهل الكهف ابتداء من المدينة التي هربوا منها مرورا بالكهف وقصته العجيبة وانتهاء بالمسجد الواقع بين تلك القمم المطرزة كعقد اللؤلؤ في قمة جبل صبر بمحافظة تعز وعين الماء الموجودة بجواره أما الوجه الثاني من الرحلة فكان خصيصا لرصد نداءات استغاثة من قبل هذا الموقع الأثري بالذات (مسجد أهل الكهف) نظرا للإهمال الذي يتعرض له من قبل الجهات الرسمية تفاصيل أكثر في سياق الاستطلاع التالي… نتابع.
> قوم نصبوا الأصنام وعبدوها وجاءوا بالذبائح فنحروها وغنوا ورقصوا وسكروا بعد أن كفروا بالله وبدينه من بين هؤلاء القوم كره بضعة نفر ــ من أبناء الملوك ــ هذه الطقوس الدينية وآمنوا بالله وقرروا بعدها الفرار من مدينتهم خوفا على دينهم فشدوا الرحال برفقة كلبهم …ــ وعين الله ترعاهم ــ بحثا عن مكان آمن لا يصل إليه الملك دقيانوس فيردهم عن دينهم فوجدوا كهفا بأسفل جبل فدخلوا فيه وناموا ثلاثة مائة سنة وتسع سنين استيقضوا بعدها وأرسلوا أحدهم إلى المدينة بحثا عن طعام لهم ولكن تفاجأ من أرسلوه بالتغير الجذري الحاصل للمدينة حينها عرف الملك قصتهم وقابلهم في الكهف وبعد ذلك استأذنوه في العودة إلى مضاجعهم وهنا قبض الله أرواحهم وأصبحت هذه القصة متوارثة من جيل لآخر أيضا جاء القرآن الكريم بها كعبرة للمعتبرين .
مدينة أهل الكهف
” أفسوس” ويقصد بها الأرض البيضاء وهو اسم المدينة التي قطنها قوم الملك “دقيانوس” بما في ذلك أصحاب الكهف ــ كما ورد عن العالم العربي ابن المجاور الدمشقي ــ الذي أنكر وجود أهل الكهف في الشام وأكد على وجودهم في اليمن وتسمى هذه المدينة حاليا بـ”الجند” وهي ذات المدينة التي بنى فيها سيدنا معاذ بن جبل -رضي الله عنه- مسجده بأمر من الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يعرف تاريخ بناء المدينة لعدم وجود الدلائل العلمية لإثبات ذلك إلا أن أقرب الظن أنه يعود إلى الفترة التي تلت رسالة سيدنا عيسى عليه السلام وقد ذكر بعض المؤرخين القدامى كابن المجاور أن أهل الكهف كانوا على الديانة المسيحية آنذاك وتميزت هذه المدينة بأرضها الخضراء ومائها العذب الغزير إضافة إلى ذلك تميزت بالزراعة والصناعة والتجارة كل هذه العوامل أدت إلى ثراء وترف السكان ونكرانهم النعمة وبعدها كفروا بالله الأمر الذي قوبل بالرفض من أصحاب الكهف وهربوا من قومهم بحثا عن مكان آمن في ضواحي المدينة فلم يجدوا نظرا لتصميمها الحديث آنذاك والذي سيكشف مكانهم إن اختبأوا فيها بعدها خرجوا من المدينة من جهة الشرق باتجاه جبل صبر فوصلوا إلى منطقة تسمى “ثعبات”بأسفل الجبل.
ثعبات
“ثعبات” تعتبر هذه المنطقة مخضرمة جغرافيا فهي قريبة من مدينة تعز وقريبة ــ أيضا ــ من جبل صبر وكانت هذه المنطقة بمثابة “قص الشريط” لحكاية أسطورية ستبدأ عما قريب مع الضيوف الذين حلوا بأرضها هربا من الملك وعلى الرغم من قلة خيرها آنذاك لأنها خالية من السكان إلا أنها استطاعت إيجاد مأوى للضيوف وكان ذلك المأوى هو جل ما تملك إنه الكهف الذي ينسب إليه قصة أصحاب الكهف هذه المنطقة تحولت فيما بعد ــ أثناء نوم أهل الكهف ــ إلى مدينة وكانت تسمى بمدينة الثعبان ــ وهي ذاتها التي خرج إليها أحد أهل الكهف بحثا عن طعام لأصحابه وكان ذلك بتاريخ 10 رجب كما ورد في كتاب تاريخ اليمن على مدى تسعة آلاف سنة وتحول اسم هذه المدينة فيما بعد من مدينة الثعبان إلى ثعبات .
الكهف
المتابع لقصة أهل الكهف يجد نفسه وكأنه أمام مسلسل درامي بديع كتب فيه النجاح ــ المبالغ فيه ــ لبطله فالمتأمل للكهف يجد فيه من التصميم الهندسي ما لم يصل إلى مخيلة البشر فالكهف له بابان الأول في “ثعبات” والثاني في عزلة “المعقاب” التي تبعد حوالي 900 متر الأمر الذي جعل هذا مستثنى عن بقية الكهوف وذلك بميزة البابين عن قمة جبل صبر البالغ طوله 3200 متر وتقدر المسافة بين بابي الكهف بـنحو 2300 متر وذلك من خلال قياس المسافة بين البابين المتقابلين تقريبا رغم بعد المسافة بينهما .
دخل أصحاب الكهف إلى كهفهم ــ بعد فرارهم بدينهم ــ من جهة ثعبات واستمروا في المشي داخل الكهف حتى وصلوا إلى الباب الآخر الموجود في عزلة المعقاب في جبل صبر وهناك حطوا رحالهم وناموا في هذا المكان ثلاثمائة وتسع سنوات والمعروف عند علماء الطب أن الأجسام في مثل هذه الأماكن تبلى بالذات إذا كانت المدة كبيرة كمدة نوم هؤلاء الرجال إلا أن الكهف بموقعه المميز حل هذه الإشكالية كما ذكرها المولى عز وجل في كتابه فقال “وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال” والمتأمل لباب الكهف يرى أن الآية وصفته بشكل دقيق حيث