الفيضانات … والجفاف .. ابرز مظاهر التغيير المناخي في اليمن
محمد العريقي
تشهد العديد من مناطق اليمن هذه الأيام هطول امطار غزيرة احدثت في بعض الأحيان فيضانات كبيرة وتدفق السيول في مجاري الوديان وتسببت في غرق عشرات الأشخاص من الرجال والنساء والأطفال إلى جانب تدمير العديد من الأراضي الزراعية والطرقات وحاصرت المنازل والمرافق العامة (كما في ذمار ) ودمرت منازل اثرية كما في زبيد وكانت محافظة تعز وبالذات منطقة شرعب اكبر المتضررين .
وعلى ذكر تعز فإنها تبرز مفارقة عجيبة وغريبة أن يكون هناك سيول وفيضانات وهناك من يشكو العطش لعدم الحصول على مياه الشرب كما هو الحال في مدينة تعز نفسها فقبل فترة قرائتنا تصريحا لوزير المياه والبيئة أن تعز أول مدينة في العالم مهددة بالعطش بسبب نضوب كل مصادرها المائية .
وهذا يجعلنا نتساءل كيف يمكن أن نستفيد من مياه الأمطار التي أصبحت تهطل في أوقات بعيدة عن الموسم الزراعي فمنذ فترة لاحظنا هطولها بشكل متذبذب أحيانا قليلة وأحيانا بكميات كبيرة وفي وقت قصير تحدث معها هذه الفيضانات المدمرة وياتي بعده الجفاف المقلق هذا الموضوع مرتبط بما يعرف بالتغير المناخي.
من هنا تأتي أهمية الدراسات والبيانات المناخية حيث تعد المعلومة المناخية من الأساسيات التى يجب أن تتوفر عند المعنيين بشئون المياه فمثلا يتوقع المسئولون عن المياه في استراليا تناقص الأمطار بمقدار %20 بعد اربعين سنة نتيجة التغير في المناخ مما سيؤدي إلى تناقص في كميات المياه المتدفقة في النهر الرئيسي جنوب غرب البلاد بنسبة 45٪ عما هو عليه الآن. والأثر السلبي لهذا التناقص سيعود بالضرر على منطقة (بيرن) الزراعية الخصبة. ونتيجة لهذه الاحتمالات اقترح القائمون على المياه بالمنطقة ان تخصص الحكومة الاتحادية عشره مليارات دولار لإقامة قناة لنقل المياه من النهر إلى منطقة (بيرن).
وهكذا تظهر اهمية المعلومات وخاصة عند التفكير بإنشاء مشاريع السدود فالتكيف مع تغيرات الطقس المحتملة ينبغي استيعابه حتى لا تكون مشاريع المياه الباهظة الثمن دون جدوى ملموسة. ولقد تبين بالفعل أن هناك مشاريع نفذت في مناطق لم تعط المردود المطلوب وذلك بسبب إغفال دور المعلومة المناخية والتضاريسية. وحالما تتضح هذه الثغرة يكون الثمن باهظا حيث ان بعض أنظمة الري الحالية ستصبح غير عملية ولا حاجة إليها بينما كان يمكن إقامة مثل هذه المشاريع في مناطق أخرى هي في حاجة ماسة للمياه يتوافق فيها المناخ والتضاريس لإ نجاح مثل تلك المشاريع التي ستسهم في زيادة حصاد المياه ومن ثم في زيادة الإنتاج الزراعي. كما أن الإقراض والاستثمار في مشاريع ري مرتبطة بتغير الطقس والمناخ يجعل المستثمرين غير متحمسين للمخاطرة في هذا النوع من التمويل والاستثمار.
إن المعلومات المناخية مهمة جدا للإنسان حيث يدرك أن الطقس قد يتغير ويتقلب لسوء تصرفه الذي قد يؤدي إلى إحداث الجفاف