وحراز أهلنا
عبدالرحمن بجاش
ليست عندي عقدة الجهوية أو تعصبا من أي نوع لمنطقتي , محافظتي , وبالمطلق فأنا – وأعوذ بالله منها الأنا- ابن هذا البلد من المنطقة أو القرية الفلانية, ولم يحدث في علاقتي بالآخرين وهي أغلى ما امتلك أن سألت هذا أو ذاك : من أين أنت, وعلى أساس الإجابة ابني علاقتي , بالمطلق لا … وليست لدي كما كثيرين جيدين وطيبين عقدة الأنا, ولا أعرف الكبر ولا التكبر إلى نفسي طريقا لكنني أكبر فقط كلما كبرقلمي في نظر قارئي!! وكلما أضفت إلى حصيلتي حرفا أو كلمة ازددت تواضعا , وكلما اقتربت من الدكتور المقالح وأنا على كل حال لا أرفع عيني في وجهه احتراما , ازددت خجلا أمام تواضعه , فكيف أكون أنا, فلن يخرق الأرض ولن يطاول الجبال من يشم الأرض جيفه كما كان ذلك المدرس السوري أحمد العليي يردد أمامنا !! لكنه ذلك الصباح أتى غير أتيانه كل صباح, فقد دخل إلى الفصل ونحن في عبد الناصر الثانوية ( أنا كنت في السماء حيث السحب ) , وواصل : عزمني أحد الأصدقاء اليمنيين للذهاب إلى تهامة ولو كنت أعرف من أين سنمر لما كنت وافقت, لكن ذلك قد حدث وما شاء رب العباد فعل, لقد صعد بنا الباص إلى عنان السماء, وقد شاهد ت لأول مرة وآخر مرة ( ظهر الطير ) حيث تعودنا على رؤية بطونها, وكدت أبكي والباص يصعد ويصعد حتى خيل إلي أننا سنصعد إلى سقف السماء ! لكنني وقد عدت سالما فأنا فرحان فقد عرفت مناخة ورأيت أين يسكن الإنسان في هذه البلاد.
وفي هذه البلاد يظن كثيرون أن مناخة أو المغربة هي كل حراز بينما حراز تبدأ بحصن مساروعلي محمد الصليحي, ومعلمه سليمان الزواحي, وصاحبه القاضي لمك بن مالك الحمادي, ولي أيام أبحر في كتاب شيق ( الصليحيون … والحركة الفاطمية في اليمن ) لمؤلفه حسين بن فيض الله الهمداني اليعبري الحرازي, وأتمنى عليكم أن تلحقوني , ويكفي حراز فخرا أن موحد اليمن الأكبر خرج من مسار .. وأجيال في هذه البلاد للأسف لا تعرف من الحكاية إلا طريق الحديدة صنعاء !! فلو كان ثمة سياحة تاريخيه فستبدأ من هناك , لتمر بمن يهوى المغامرة والاطلاع على حكايات المغامرين من خلال تلك الدور المعلقة قرب السماء في جبال حراز تحكي مقدرة فذة للإنسان وقدرته على قهر الطبيعة, لكن … وآه من لكن ….فكلنا في مخيلته مقاهي الطريق أكثر من عدد تلك الإبداعات المعمارية بين السحب تحكي قصة الإنسان والمكان , وكلما تذكرت فقط آل لقمان وهم في عدن يستوطنون أتذكر أن صديقي د. نزار غانم ووالدته الفاضلة منهم يقول أصل (آل لقمان) من حراز , وانظر فالمدنية في أعماق أهلنا الحرازيين ليست وليدة مجاملة من بجاش !!, بل لعلكم تعلمون أن أول ناد ثقافي اجتماعي رياضي أسس في تعز على يد حسين الحرازي وزميليه أمين درهم ومحمد قائد الزعيتري وكان من أعضائه الفنان الكبير علي الآنسي وعلي الخضر وآخرين منعوا فيما بعد من الاقتراب منه حين أمر الإمام بإغلاقه!, ونادينا نادي شعب صنعاء أبرز مؤسسيه إن لم يكن المؤسس إلى جانب ثلة من شباب ضباط ثورة سبتمبر هو علي الحرازي ولا أدري من حمل الاسم أولا استوديو الشعب بشارع جمال أم النادي!.
علي الصليحي وحراز موجودان في الكتب وفي رؤوس أبنائها لكنهما غير موجودان ضمن خارطة ثقافية سياحية تنموية, ولا نكاد نتذكرها إلا حين نرى جماعات البهرة تأتي وتذهب ونحن فاغرو أفواهنا كأنهم قدموا من كوكب آخر!, وهم بهدوئهم, وحسن هندامهم , يجبرونك على احترام مقدمهم وعلى كل فهم يفيدون البلاد أكثر من أوصياء الأرض والسماء!, وحراز فقط يمكن أن تفيد وتستفيد ضمن رؤية, فقط أين وأين وكيف وكيف ومتى ومتى!, وعلى المستوى الشخصي فمن حراز لي أصدقاء حميمين كثر , اسمحوا لي فقط أن أشير إلى أن جمالها وثقافتها وبعدها التاريخي وحسن طوية أنفاسها يتبدى لي دائما حين كنت ولا زلت على البعد اجلس إلى كمال البرتاني …..وهذا غيض من فيض.