قيمة الإحساس بالسعادة
عبدالله السالمي
عبدالله السالمي –
في حياة الشعوب عادة ما تعكöس ألوان المباهج ومظاهر السرور لاسيما في المناسبات الكبرى كالأعياد الدينية والأيام الوطنية دلالات عميقة ذات أبعاد اجتماعية وثقافية لا تتوقف معانيها عند الكشف عن لحظة الإحساس بالبهجة والانجذاب لمشاعر الفرح وإنما تتعداها إلى ما يشبه الكشف من وحي الحاضر عن صورة المستقبل.
يحلو لي أن أجيب على سؤال «المعنى من حياتنا» بالطريقة التالية: «ما خلöقنا إلا لنبتهج». وبمقدار ما نكون عليه في الحاضر من ابتهاج وسرور تكتسب نظرتنا إلى المستقبل نوع اللون المناسب ودرجته. على أن الظروف الاقتصادية بالرغم من أهميتها الكبيرة ليست لوحدها العامل الحاسم في اختيار لون العدسة التي يرنو بها المرء إلى الزمن الآتي وكما أن الإحساس بالشقاء قد يفقöد حتى الغني القدرة على الاستمتاع بما هو فيه من تخمة ويجعل على عينيه غشاوة فلا يرى المستقبل إلا مظلöما فإن الإحساس بالسعادة يصنع العكس تماما.
والإحساس بالسعادة ليس قرين ارتفاع القدرة على شراء ما يظن الإنسان أنه بامتلاكه سيكون سعيدا وإنما هو أقرب ما يكون إلى الاستعداد الفطري لتغليب رؤية ما يبهج ويفرح ويبعث الأمل على ما يدعو لليأس والإحباط والكآبة. والإحساس بالسعادة فوق ذلك يعني قابلية الاستمتاع بالحياة وفق الأدوات المتاحة مهما كانت بسيطة وتلقائية.
ثم إن قيمة الإحساس بالبهجة والشعور بالفرح يكمن في مشاركة هكذا إحساس وشعور مع دائرة جماعية واجتماعية أكبر قد تكون نقطة البداية فيها هي العائلة الصغيرة أو الأسرة أما أقصى مدى يمúكنها الوصول إليه أفقيا في المجتمع فلا حدود له وإنما يتوقف الأمر على اتساع ملكات الإحساس بالفرح لدى الإنسان وقدرته على مشاركة البهجة وتعميمها فكلما اتسعت إنسانية الإنسان استطاع أن يفيض بالبهجة والسرور على محيط اجتماعي وإنساني أوسع.
من هنا فإن من أهم المعايير التي تقاس في ضوئها خيرية المرء مدى اشتغاله على إسعاد غيره. وقطعا لا يمكن مقارنة الأناني الذي لا يتجاوز اهتمامه حدود نفسه بالذي يكون إحساسه بالسعادة عابرا للحدود فلا يتوقف سعيه إلى مشاركة مشاعر الفرح وطعم البهجة عند حد وإنما يعúبر الحدود الشخصية والاجتماعية والدينية والجغرافية والسياسية..
أعúرف أن حديثا مöن هذا النوع قد يبدو مفرطا في المثالية بالنسبة للبعض لاسيما بالنظر إلى الضغوط المعيشية والضائقة الاقتصادية التي تحكöم الخناق على قطاع واسع في المجتمع غير أن هذا لا يبرöر بأي حال من الأحوال الانقياد وراء غواية العجز والاستسلام لليأس والكآبة فثمة متسع للبهجة والفرح. والمهم ونحن قاب قوسين أو أدنى من عيد الفطر المبارك أن لا نفقد قابلية الإحساس بالمتعة والقدرة على تشارك اللحظات السعيدة.