المواطنة والهوية والولاء والانتماء الوطني

أ.د طه أحمد الفسيل

 - تتعد أسباب المشاكل والتحديات التي تعاني منها وتواجهها بلادنا حاليا في كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومع ذلك يمكن إرجاعها إلى السبب الأساسي والأهم
أ.د طه أحمد الفسيل –
تتعد أسباب المشاكل والتحديات التي تعاني منها وتواجهها بلادنا حاليا في كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومع ذلك يمكن إرجاعها إلى السبب الأساسي والأهم المتمثل في غياب الافتقار لثقافة الولاء والانتماء الوطني لليمن ككيان كبير في ظل سيادة تفشي واتساع ظاهرة الولاءات الضيقة (للأسرة للقبيلة للأحزاب والتنظيمات السياسية والولاءات المذهبية والدينية إلى جانب المناطقية والعشائرية) وبالتالي ضعف الاحساس والشعور بالولاء والانتماء لليمن باعتباره جزءا لا يتجزأ من الهوية الوطنية. وكانت النتيجة لكل ذلك توفير البيئة المناسبة والفرص للدعوات المناطقية والمذهبية وبروز الجماعات الارهابية وكذلك جماعات التطرف الاجتماعي والسياسي إلى جانب التطرف الديني والمذهبي في ظل غياب (أو على الأقل ضعف) شرعية الدولة وسيادة القانون.
تـعد المواطنة قيمة سياسية ومبدأ سياسي عام يشير إلى العلاقة بين المواطنين في مجتمع ما والدولة في رباط يجمعهما معا وتتسم هذه العلاقة بالمساواة في الحقوق والواجبات. وهي كذلك مفهوم قانوني وسياسي يشير إلى العلاقة التي تربط الفرد بالدولة التي ينتمي إليها وفي الوقت نفسه أن الناس الذين ينتمون إلى وطن واحد هم متساوون في الحقوق والواجبات بغض النظر عن اختلاف أصولهم العرقية والسلالية وانتماءاتهم الاجتماعية والسياسية والثقافية وكذلك اختلاف آرائهم وتوجهاتهم ومواقفهم الفكرية.
والهوية الوطنية هي التصور الذي يكونه شعب ما عن ذاته من خلال القيم التي يرتكز عليها والعلاقات التي تشجع على بنائها فهي بناء قيمي وسلوكي يتضمن بصورة أساسية قيمة اعلاء المصلحة الوطنية فوق المصالح الفئوية والشخصية.. وغيرها ومزاولة الحقوق وفي الوقت نفسه أداء الواجبات إلى جانب الشعور بالتمايزوالفخار الوطني.
والولاء هو الحب والنصرة وبالتالي يشير الولاء الوطني إلى حب الوطن والذود عنه بالغالي والرخيص وهذا ما أمر به الإسلام وحث عليه ووفي الوقت نفسه تعبيرا عن طبيعة اعتزاز المجتمعات البشرية بأوطانها التي تستمد منها عناصر هويتها وتاريخها وحضارتها وسيادتها وكرامتها. فالولاء للوطن يعني ببساطة تغليب مصلحة الوطن والمصالح العامة على كل المصالح الحزبية والشخصية.. وغيرها وجعل مصلحة الوطن هي المصلحة العليا التي لا تعلوعليها أي مصلحة أخرى. فالولاء الوطني هو التزام أصيل من قبل المواطنين تجاه وطنهم من خلال التزامهم بأداء واجباتهم مقابل الحقوق التي يجب أن يحصلوا عليها ولذلك يحدد الولاء الوطني كلا من الحقوق والواجبات ووسائل تحقيقها وعليه تتشكل الهوية الوطنية ويترسخ الانتماء الوطني فإذا كانت هذه الحقوق متوازنة مع الواجبات فإنها تعمق كلا من الهوية الوطنية والانتماء الوطني وهذا أمر ضروري يجب فهمه وإدراكه بصورة حقيقية من جميع المواطنين لأنه في مقابل أي حق من الحقوق التي يتمتع بها أي مواطن هناك واجب من الواجبات فإذا لم يتحقق هذا التوازن فإن الولاء الوطني قد يصيبه الضعف والوهن. وعلى وجه التحديد فإن التوازن يختل عندما تتم المطالبة بالحقوق من الدولة والمجتمع بدون أداء الواجبات من قöبل المواطنين ويتضح ذلك جليا عندما يتم مطالبة مؤسسات الدولة بالحقوق مع عدم إعطائها الاحترام الذي تستحقه.
ويمثل الولاء الوطني التجسيد العملي للهوية الوطنية فإذا كانت الهوية الوطنية تعني الذاكرة الجماعية لكل المواطنين في اطار الوطن الواحد وانها تعتبر أحد الشروط الأساسية لظهور مجتمع متماسك في إطار الوطن الواحد فان الولاء الوطني يتمثل في ذلك الشعور والاحساس الكامل بالانتماء إلى نظام سياسي له وطن محدد وكذلك في استعداد المواطنين لحماية هذا الوطن والدفاع عنه ولو كان الثمن هو التضحية بالنفس والروح. ولذلك فانه كلما ارتفعت درجة الانتماء الوطني والشعور بالمواطنة كلما اقترب الوطن اكثر من الاستقرار الأمني والتماسك الاجتماعي المنشود. وكلما ترسخت وتجذرت أسس وعناصر المواطنة المتساوية في ارض الواقع كلما ارتفعت درجة التكامل والتفاعل بين المواطنين والدولة لصالح الوطن .
كذلك فإنه غالبا ما تنطوي مسألة الهوية على معان رمزية وروحية تمنح الفرد احساسا بالانتماء إلى الكيان الاكبر (الوطن) والولاء لــه والاعتزاز به ولذلك يعتبر البعض أن الاحساس بالانتماء الوطني من أهم المعتقدات السياسية لأن هذا الانتماء يضفي من ناحية الشرعية على النظام السياسي الذي ينتمى له المواطنون ويساعد كذلك على بقاء واستمرارية هذا النظام وفي الوقت نفسه يمكنه من تخطي الأزمات والمصاعب التي تواجهه. ومن ناحية أخرى يساهم ال

قد يعجبك ايضا