هذا هو انجازكم أيها اليمنيون
بقلم فيليب هولسأبفيل
بقلم/ فيليب هولسأبفيل –
يقال أنه عندما ينظر المتشائم وكذا المتفائل في كوب ماء واحد ينظر إليه المتشائم أنه نصف فارغ بينما ينظر إليه المتفائل أنه نصف ممتلئ. وفيما يتعلق باليمن من السهل أن نرى ما هو ناقص في الكوب وهو أن الوضع الأمني في أجزاء عديدة من البلاد لا يزال سيئا وزادت حدة الأزمة الإنسانية التي أثرت في أكثر من نصف الشعب اليمني خلال السنوات الماضية والاقتصاد لا يشفى إلا ببطء ولا زال الفساد والمحسوبية منتشران وكذلك التوتر السياسي في الجنوب لا يزال عاليا وتبقى الأحزاب السياسية بعيدة عن الاتفاق حول شكل مستقبل الدولة في اليمن إذن لا أحد يستطيع إنكار أن الكوب لا زال نصف فارغ.
لكن كما سيشير إليه فقد تحققت انجازات كثيرة منذ بدء العملية الانتقالية فقد تحقق الانتقال السلمي للسلطة إلى الرئيس التوافقي عبدربه منصور هادي رغم كل الصعاب وقد أحدث هيكلة الجيش تقدما ملحوظا وقد جمع مؤتمر الحوار الوطني الشامل كل القوى المتناحرة حول طاولة الحوار وقد حققت بعض فرق العمل في مؤتمر الحوار الوطني قفزة كبيرة في تقديمها لتقاريرها للمرحلة الأولى من الحوار.
وكمراقبين دوليين وأصدقاء لليمن يجب أن نرى معظم أوجه الحقيقة والاعتراف بالتحديات والإشارة إلى أوجه القصور لكن أيضا يجب تقدير الانجازات والأهم هو أنه يجب علينا أن نتعرف على الفرص ونذكر القادة السياسيين بمسئوليتهم للتعامل مع مطالب الشعب اليمني المتمثلة في مستقبل أفضل والحرية والسلام والمساواة والنمو اقتصادي والحكم الرشيد.
وبدون أن نكون إما متشائمين أو متفائلين فإن الملاحظ النزيه سيرى أن هناك فرصا حقيقية حول ما يحدث في ليمن هذه الأيام رغم أنه قد لا يكون واضحا لأولئك الذين لا يزالون يعانون من كل المشاكل المذكورة أعلاه أن العملية الانتقالية قد تحقق التغيير الذي أراده اليمنيون عندما خرجوا للشوارع قبل عامين وصحيح أن الثورة لم تؤد إلى إطاحة كاملة وسريعة للنظام السياسي كما حدث في بعض الدول العربية الأخرى لكن أدت إلى تسوية سياسية وهذه التسوية التي تبلورت في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية ليست حاجزا على التغيير ولكن فرصة لتحقيق هذا التغير تدريجيا وبطريقة مدروسة ومستدامة.
لقد لعب المجتمع الدولي دورا في عمله كحاضن للعملية الانتقالية حيث ساعدت الدبلوماسية المكوكية للمستشار الخاص لأمين عام الأمم المتحدة جمال بن عمر والعمل المستمر للبعثات الدبلوماسية في صنعاء وكذا الضغوط السياسية التي كان يمارسها أحيانا مجلس الأمن على طرف أو آخر قد ساعد كل هذا على إبقاء كل الأطراف على توافق لكن في نهاية الأمر كان اليمنيون أنفسهم هم الذين حققوا هذا بقبولهم الوساطة الخارجية والتفاوض على حلول مع بعضهم البعض والخروج بتسويات رغم أن بعضها كانت مؤلمة وعند قراءة تقارير بعض فرق عمل مؤتمر الحوار الوطني التي تغلبت على اختلافاتها بعد جدل ساخن يجب على المراقب الخارجي أن يعترف بالتقدم الذي أنجزه اليمن منذ العام 2011م وهذا هو إنجازكم أيها اليمنيون.
بالتطلع إلى الأمام من الواضح أن التحديات ما زالت كبيرة وسيتطلب المزيد من الجهود من كل الأطراف وتسويات تاريخية في بعض الأحيان.
النية للمصالحة يجب أن تأتي من الأطراف أنفسهم وليس بمقدور المجتمع الدولي استبدالها. وليس بمقدور أحد أن يفرض على اليمنيين كيف يمكن إعادة صياغة العقد الاجتماعي بينهم وبين الدولة لكي تضمن حقوقهم وتلبي مطالبهم الشرعية.
وما يمكن ويجب أن نقدمه نحن الأجانب هو المشورة المبنية على خبراتنا من أجل المشاركة في دروس تعلمناها من نجاحاتنا وكذلك اخفاقاتنا يسعى هذا المقال إلى تقديم هذا.
مؤسسات فعالة ومستقلة
لعل أهم التحديات التي تواجهه اليمن هو تأسيس مؤسسات قوية تضمن توزيع عادل للثروة والذي يشجع المواطنين أن يرقوا إلى مستوى امكانياتهم الكبيرة بدلا أن يخنقوا طموحاتهم بالفساد والمحسوبية وذلك يمنع احتكار السلطة وهذا يتطلب إصلاحا أساسيا للوضع الحالي قد يتطلب تطبيقه سنوات. ولكن من الممكن تحقيقه.
وأصبح معتقدا شائعا خاصة بين اليمنيين الشباب في أن الطريقة الوحيدة للحصول على وظيفة حكومية هي إما بالانضمام إلى حزب سياسي أو عبر ارتباطات شخصية أو عائلية وهذا يقوض طموحات تطوير مهاراتهم وكذا جودة ومصداقية القطاع العام حيث ينبغي أن يتم الت