الأخلاق والتخفيف من الفقر

عارف الدوش


 - ونظرا لخطورة الدور الذي تؤديه الزكاة كونها متعلقة بحياة الناس فقد تشدد رسول الله صلى عليه وسلم في شأنها حتى قال:"من أعطاها مؤتجرا - أي طالبا للأجر والثواب- فله أجرها ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله - أي نصفه- غرمة من غرمات ربنا لا يحل لآل محمد منها شيئا "وحول هذا الحديث قال الفقهاء انه يجيز لولي الأمر مصادرة نصف مال من امتنع عن أداء زكاته وهو نوع من العقوبات
عارف الدوش –

ونظرا لخطورة الدور الذي تؤديه الزكاة كونها متعلقة بحياة الناس فقد تشدد رسول الله صلى عليه وسلم في شأنها حتى قال:”من أعطاها مؤتجرا – أي طالبا للأجر والثواب- فله أجرها ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله – أي نصفه- غرمة من غرمات ربنا لا يحل لآل محمد منها شيئا “وحول هذا الحديث قال الفقهاء انه يجيز لولي الأمر مصادرة نصف مال من امتنع عن أداء زكاته وهو نوع من العقوبات المالية التي يتخذها الحاكم عند الحاجة تأديبا للممتنعين والمتهربين من دفع الزكاة ولنفس السبب – الامتناع عن دفع الزكاة قاتل الخليفة الأول أبو بكر الصديق ومعه الصحابة مانعي الزكاة وقال كلمته المشهورة “والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة” وهو ما استند إليه الفقيه ابن حزم في فتواه:” وحكم مانع الزكاة إنما هو أن تؤخذ منه أحب أم كره فإن مانع دونها فهو محارب فإن كذب بها فهو مرتد فإن غيبها ولم يمانع فهو آت منكرا فوجب تأديبه أو ضربه حتى يحضرها أو يموت قتيل الله تعالى الى لعنة الله.( المحلى جـ 11)
• ومن ضمن مصارف الزكاة الثمانية الفقراء والمساكين وابن السبيل والزكاة فريضة على المال من صاحب المال الأصلي وواهبه الله سبحانه وتعالى وهي حق الفقراء ليست تبرعا من الأغنياء قال تعالى” وفي أموالهم حق للسائل والمحروم”(الذاريات:19) هذا التأكيد والوضوح في الآية السابقة وتشدد خليفة رسول الله أبو بكر الصديق في القتال ضد مانعي الزكاة يبين الهدف الأساسي لها هو إعانة الفقراء والمحتاجين وذوي لحاجة من المسلمين والذين يحاولون تصوير العدالة الاجتماعية في الإسلام بأنها “عدالة قائمة على الصدقات” بمعنى التبرع ومد اليد يغيب عن هؤلاء أن الإسلام يعتبر المال مال الله في الأساس وان نصيب الفقراء فيما لدى الأغنياء هو “حق” بالدرجة الأولى باعتباره فريضة من صاحب المال الأصلي وواهبه لخلقه الله سبحانه وتعالى
• ويغيب عنهم أيضا أن الزكاة ليست متروكة لتطوع الأغنياء القادرين وأمزجتهم ولكنها فريضة واجبة تقتطع من مالهم إذا تقاعسوا عنها لأن هدفها تحقيق التكافل في دار الإسلام بما في ذلك الأقليات من ديانات أخرى (اليهودية والمسيحية) حتى لا يظل المال ” دولة بين الأغنياء” والزكاة المفروضة ليست هي كل حق الفقراء فيما لدى الأغنياء ولكنها الحد الأدنى المفروض في الأموال وللحاكم باعتباره ولي الأمر إذا لم تسد الزكاة حاجة الفقراء والمساكين أن يأخذ المزيد من الأغنياء بالقدر الذي يسد هذه الحاجة.
• والحديث الشريف صريح حول هذا الأمر “إن في المال حقا سوى الزكاة” ( رواه الشيخان) والحل الرابع لمعالجة مشكلة الفقر هو الخزانة العامة للدولة بمختلف مواردها النقدية والعينية ففي أملاك الدولة والأموال العامة التي تديرها وتشرف عليها بالاستغلال أو الإيجار أو المشاركة. وفي خمس الغنائم ـ إن وجدت ـ وفي الضرائب العقارية ( ما كان يسمى مال الخراج ) وفي ” الفي” قال تعالى “ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم” (الحشر: 7 ) في كل هذه الموارد نصيب للفقراء المحتاجين والمعوزين
• ويقول الفقهاء أنه عندما يتصل الأمر بالفقر والحاجة فإن قضية توزيع الثروة بين البشر وتحقيق حد الكفاية وليس الكفاف تصبح قضية كرامة الإنسان التي اختصه الله بها لمجرد كونه إنسانا مسلما أو غير مسلم. والنص القرآني واضح ” ولقد كرمنا بني آدم” ولم يقتصر التكريم على مخلوق دون آخر بغض النظر عن الدين والجنس واللون والهدف هو ليس أن يعيش الإنسان عند حدود الكفاف وإنما الهدف هو سد حاجة الإنسان قدر الإمكان ليعيش حياة كريمة تليق به باعتباره مخلوق الله المكرم.

قد يعجبك ايضا