تركيا .. حساسية المشهد

خالد الصعفاني


 - .. تبدو الشقيقة تركيا اليوم في وضع أكثر حرجا منذ عقود بشارع يتظاهر وحكومة أمام اختبار حقيقي لحسن إدارة أزمة يبدو أنها ماضية للتصاعد مع بقاء عناصر الأزمة عند مستوياتها الحالية..
خالد الصعفاني –

.. تبدو الشقيقة تركيا اليوم في وضع أكثر حرجا منذ عقود بشارع يتظاهر وحكومة أمام اختبار حقيقي لحسن إدارة أزمة يبدو أنها ماضية للتصاعد مع بقاء عناصر الأزمة عند مستوياتها الحالية.. هو ربيع تركي وصل بعد الربيع العربي الذي عصف بالشرق الأوسط كافة ولم ينحصر في حدود البلدان التي غزاها كالشيب حين يأتي بلا موعد ولا سابق إنذار .. وهذا الربيع التركي لا أجده متشابها مع أي ربيع عربي كون الداخل فيه ليس متماثلا إلى الحد الذي يسهل عملية الحكم بأن ما جرى كليا في تونس أو مصر أو ليبيا أو اليمن أو سوريا أو ما جرى جزئيا في بعض دول الخليج والسودان وبعض بلدان المغرب العربي ..
.. في تركيا حكومة منتخبة من الشعب وحظيت بصوته في آخر موقعتين انتخابيتين فوصل حزب العدالة والتنمية للحكم عبر صوت الشعب وبورقة الاقتراع وهو إلى اليوم لم يدخل سن اليأس كما كان وحدث مع بعض الأنظمة العربية .. وفي تركيا حكومة نجحت في عمل الكثير للشعب التركي وكان هذا العطاء هو مصدر إعجاب الأمة بهذا النموذج الإسلامي للحكم وهو بالمناسبة نموذج ايجابي ومشرف لم يحبس نفسه في زاوية ” التطرف ” ولا مسخ الدين بممارسات عامة على طريقة الجمع بين الأختين .. نموذج فيه دين وقلب وعقل فارتفعت وتيرة أرقام الاقتصاد القومي وزادت نسب التبادل بينه وبين نظرائه إقليميا وإسلاميا ودوليا وقدم العدالة والتنمية نفسه وريثا شرعيا أكثر توازنا من الحزب الأم الذي سبق للفوز بقلوب الأتراك قبل ذلك حزب الرفاه الإسلامي ..
.. ولأن تركيا حفيد حضارة عبقرية حكمت العالم لقرون طويلة في القارات الثلاث ولأنها بلد جميل بطبيعته لا تتحدثوا عن ثلاثي الجمال السابق الماء والخضرة والوجه الحسن فقد اجتمعت وزادت بإرادة للتطوير والبناء الحديث حتى أصبح من المفيد جدا لأوربا أن تكون تركيا عضوا فيها وهو ما ظلت تطلبه الأخيرة لفترة طويلة .. ولأنها ورثت علما ومعرفة ونظم تنمية واسعة , فقد أصبح من حقها اليوم أكثر من أي وقت مضى أن تسعى لإعادة أمجادها وعليها أن تنسج لذلك الطريق المثلى دون قفز على واقع أو استخفاف بوقائع وهذا دوما اختبار الكبار , ومن هنا بنت الكثير من البلدان إمبراطورياتها وقواها الناعمة ..
.. في مشاهد الربيع العربي بدت تركيا في عجلة من أمرها فبدأت إطلاق الآراء السياسية الرسمية بخصوص ربيع هذا البلد او ذاك وهو ما عده بعض الأنظمة العربية حينها تدخلا غير مقبول ولا مبرر , وبعيدا عن درجة الحق في كل رأي تركي أو موقف إزاء أي من الربيعات العربية, دارت عجلة الزمن بسرعة وامتدت جغرافيا الربيع وفترتها إلى تركيا البلد الجميل والحضاري الذي نتمنى له دوام الصحة والقوة والحضور, كيف لا وهي أخت كبيرة لنا نقوى بقوتها ونشتد بعودها ونتشارك معها الكثير من قواسم توائم البطن الواحدة ..
.. وبوصول الربيع إلى بلد الأناضول تكون القيادة التركية في اختبار فكر وإدارة وقدرة على التعاطي مع الأزمة بالطريقة التي تحاصر مساحات التظاهر وتقلل من تأثيرها على الاقتصاد والسياسة التركية خصوصا والخلاف ليس على تركة مصالح كما تم في جزء من ربيعنا العربي وليس تنازع مصالح كما كان في بعض الربيع الآخر كما انه ليس خلافا على امتلاك الكرسي وتأمين باقي الشعب سخرة كما كان في جزء ثالث من الربيع العربي..
أخيرا:
.. تركيا الأمة وحزب العدالة والتنمية في اختبار نوايا وتقدير وإذا ما نجحا في الوصول إلى صيغة نموذجية لحل أزمة ميدان تقسيم إذا لم تنمو للأزمة أذرع أخطبوطية خلال الفترة القادمة فإن الربيع التركي سيكون ربيعا حقيقيا مفعما بالأزهار وممتلئا بالجو البديع , وهو فقط ما يضمن استمرار مشوار البناء الذي وضع مداميكه المتينة منذ أعوام حزب العدالة والتنمية..

قد يعجبك ايضا