اليمن المنسلخ من التقاسم

جمال حسن


جمال حسن –

اليمنيون مقلدون بامتياز فقد بدأ ناشطون يرسلون دعوات تحت اسم حركة تمرد اليمن. هنا ما نقوم به ارتجالي ويفتقر للخيال. لا تقرأ الواقع كما لا تقرأ ما حدث في مصر. الجيش هناك كان له دور حاسم. كما أن مصر كانت تراهن على هوية مدنية عمرها أكثر من مئتي عام. بينما في اليمن المشهد يضج بالانقسامات ولا يمكن إبعاد حركة تمتلك جيشا خاصا بها ولديها تحالفات قبلية دون أن تكون هناك عواقب. في مصر استطاعت الحركة الشعبية قلب حكم الإخوان.
هنا لدينا الجيش يعيش ترسبات المرحلة السابقة ومؤسسات الدولة هشة بينما نحن بحاجة لترسيخها. أي فوضى سيصب في مصلحة أصحاب الميليشيات. يمكننا توظيف ما حدث في مصر لمصلحة وطنية ودون الدخول في معمعات. علينا أولا معرفة الخلل الواضح في شكل الفترة الانتقالية فالأطراف بأكملها تتحدث عن مصالحات سياسية وتحولت البلد بأكملها رهنا لمحاصصة سياسية تتفشى في جسد اليمن المضعضع. وظائف الدولة تأكلها المحاصصات. الفساد زاد عما كان. لكن لا يفيد اليوم التغييرات الجذرية بل إنها معرضة لردات أكثر سوءا.
ما نحتاجه اليوم دفع المشهد السياسي لمصلحة تأكيد هوية الدولة اليمنية. بمعنى التأكيد على أي نجاح سياسي يقوم أولا على تحسين الاقتصاد. وهذا لا يعني استبدال مراكز نفوذ بأخرى تهيمن على مصادر الاقتصاد.
في اليمن كما اتضح من ثورتنا نحن بحاجة للخروج من ذهنية الابتزاز التي يمارسها سياسيون على حساب المصلحة الوطنية. قضيتنا الأولى اقتصادية وهذا لا يعني تجاهل مشاكل عديدة. سأقول لكم ليس من مصلحتنا السياسية التعامل مع أي طرف ضمن منهجية تقصيه كليا تحت أي مسمى. لكن لا يعني قبول جيوش خاصة تحت مبرر عدم إقصاء طرف. مع ذلك سنحتاج إلى تعزيز قيم تشارك. احدهم سألني عن ضرورة التوافق. لكن نحن موسخون بفكرة التوافق في الحكم. إذن لمن سنترك المعارضة كساحة مهمة في وجود ديمقراطية حقيقية وتبادل سلمي للسلطة. علينا أولا أن نتوافق على شكل الدولة أو الدستور. بما يحمي التعايش لأي فئة طالما لا تروج لشوفينية عنف.
البعض يعتقد انها فرصة للنيل من الإصلاح كليا. لا ليس الأمر بتلك الصورة. عندما نجعل اليمن ساحة لتصفية حسابات ذات بعد راديكالي أو سياسي فإننا ندعم الصورة المتخشبة في العنف والتعصب. حتى الإصلاح سيراهن على الوجه المتشدد والأعنف فيه. نحن بحاجة لحكومة لا تعمل كوكالة لمراكز نفوذ. أهم ما قامت به حكومة باسندوة كانت إعادة صفقات النفط لحميد الأحمر. إذا أراد الإصلاح أن يبقى حزبا كبيرا في وطن حقيقي. عليه أن يرضخ لمعادلات واقعية إذا أراد التهام البلد فإن الواقع أصعب مما يتصورون. بإمكان الحزب أن يتحول إلى ميليشيات في قبضة قطاع طرق ولصوص وفي بلد مخرب ومتشقق.
في الآونة الأخيرة مع فكرة التوافق ومشاركة جميع الأطراف السياسية الرئيسية والتقليدية في الحكومة لمن تركنا المعارضة. هناك أصوات متفرقة مثلا عندما نكتب مقالة فإن تأثيرها محدود مقارنة بوسائل تأثير تقليدية كالمسجد. هل نترك المعارضة بما أنها جزء رئيسي في المظهر الديمقراطي لكيانات طائفية كالحوثي. في أول أيام رمضان حدث أن تسببت صلاة تراويح في أحد المساجد لاقتتال باستخدام أعيرة نارية راح ضحيتها قتيل.
لماذا الأصوليون الحوثيون يمنعون الناس من صلاة التراويح. ماذا يريد الحوثي¿ حرب بالوكالة او محاولة إثبات هويته الأصولية بإثارة صراع طائفي. تزدهر المشاريع الطائفية في إثارة كل تعصب مقيت. الحوثي أحد أشكال الدين السياسي الأكثر قتامة وديماغوجية. لا مستقبل له سوى في أرضية من الخراب والاقتتال. وعندما نترك المعارضة كمساحة لهذه الأشكال فعلينا التنبوء بهذا المستقبل القاتم والأسود. في اليمن يدعو الحوثي لتشكيل جبهة إنقاذ وطني وبصورة تثير الارتياب. نحن نعرف عن التحالفات الأخيرة لكن كيف يمكن لنا أن نسمح لهذا الشكل القائم على تفكك يمني. هل نبحث عن بلد أو كيانات صغيرة تزدهر فيها حروب العصابات وبارونات الحروب. ألسنا بحاجة اليوم أن ندرك كل تلك التحديات وهذا يعني الحزب السياسي الأكبر أي حزب الإصلاح.
السنا بحاجة للعمل من اجل بناء مؤسسات دولة ومظهر ديمقراطي حقيقي لا تكون شراكة السلطة فيه تقاسم. بل قائمة على مستويات من التعارض والاختلاف الديمقراطي وعلى تناوب يسمح بالتعدد والانتقال. أنا منذ فترة قلت أن الإصلاح يعمل ضد نفسه ويتسبب بانتعاش الحوثي كلما انسحب عن مهمته كحزب سياسي يمني وطني وتقوقع في دائرة مصالحه ومصالح مراكز نفوذه فإن النفق اليمني مسدود بصورة يتعذر حلها. فالحوثي يرى أن سقوط الجماعة في مصر فكرة جيدة لانتعاش تواجده على حساب الإصلاح تبدو مظللة ومريعة. على الإصلاح قراءة الواقع الجديد وأنا لست متفائلا إزاء ذلك كما يبدو لي الحوثي أكثر الأشكال المخيبة في واقعنا فهل ا

قد يعجبك ايضا