عصر سخونة المناخ

عبدالوهاب الضوراني

عبدالوهاب الضوراني –
تشكل مسألة سخونة المناخ محور اهتمام نوعي وعالمي الطابع حاليا لما يترتب عليها بالنسبة للبيئة وأبعد منها ربما لمستقبل الإنسانية. وكانت السنوات العشر الأخيرة قد شهدت سلسلة طويلة من المؤتمرات الدولية المكرسة لهذا الموضوع. ويخصص الباحث في “مركز الدراسات السياسية” في نيويورك روبرت داروول كتابا لهذا الموضوع بعنوان: “عصر سخونة المناخ”.
البراهين التي يقدمها مؤلف الكتاب على خطورة ظاهرة المناخ والتهديدات “المتسارعة” المرتبطة بها كثيرة. وليس أقلها الإشارة الى أنه خلال العقد الأول من القرن الحالي الحادي والعشرين كانت كمية غاز الكربون الصادرة من الأرض بفعل إنساني عبر المصانع ومختلف أنواع المحركات تعادل ما كان قد صدر من هذا الغاز منذ عام 1750 وحتى نهاية القرن العشرين. ويلفت إلى أنه مثل هذا الواقع أثار بالمقابل سؤالا مثيرا للنقاش عن مدى تأثير انطلاق غاز الكربون في الجو على التغير المناخي¿ ذلك أن الهيئة الدولية المتخصصة في إخطار قادة العالم حول مخاطر سخونة المناخ أكدت ملاحظة أن هناك “استقرارا في معدل درجات الحرارة منذ 17 عاما”.
النتيجة المباشرة التي يمكن الوصول إليها من خلال قراءة الإحصاءات والتقارير الصادرة عن الهيئات العلمية المعنية تسمح بالقول ان توقعات هذه الهيئات كانت خاطئة.
وهنا يشرح المؤلف أن هناك الكثير من التقديرات الخاصة بعوامل “تبريد” المناخ جرى التقليل منها بل وجرى تقليل آثارها الصادرة عن مختلف أنواع مبيدات الحشرات مثلا إلى النصف منذ عام 2007. وفي المقابل تدل دراسات أخرى على أنه جرت “المبالغة” في تقييم آثار عوامل زيادة حرارة المناخ بسبب الغازات الصادرة من المصانع والمحركات.
ويرى المؤلف أن عملية إعادة النظر في الاتجاهين الخاصة بعوامل زيادة برودة المناخ أو زيادة سخونته أضافت قدرا أكبر من “الحيرة والشك” لدى الأوساط العلمية المتخصصة.
ويزداد مثل هذا الشك على خلفية الإشارة إلى عدم الفهم الجيد أو سوء الفهم في ما يتعلق بآليات امتصاص غاز الكربون من قبل المحيطات التي تحتل مساحة شاسعة من سطح المعمورة والتي تدل الدراسات العلمية الخاصة بها على أن حرارة هذه المحيطات توقفت عن الارتفاع.
على خلفية محصلة المعلومات التي جرى جمعها عن كل مظاهر تغير المناخ في اتجاه أو آخر يصل مؤلف الكتاب إلى نتيجة مفادها أن “الآثار التي تدفع باتجاه زيادة سخونة المناخ بولغ فيها بنسبة الضعف خلال النصف الثاني من القرن الماضي العشرين”.
ويلفت إلى أن الآراء المتباينة بين الهيئات العلمية والباحثين العلميين تضع القيمة العلمية لهذه الآراء موضع تساؤل إذ إن “مناخ الأرض يمثل منظومة في غاية التعقيد”.
ويذهب أبعد في هذا الاتجاه وصولا إلى القول ان رجال العلم الذين يتعرضون الى دراسة هذه المنظومة يميلون إلى ادعاء أنهم يعرفون عنها أكثر من ما يعرفون في الحقيقة والواقع.
ذلك على خلفية جهلهم بعدد المتحولات والمتغيرات وبالتالي صعوبة قدرتهم على إنجاز عملية تقييم دقيقة لهذه المتغيرات. والنتيجة هي أنهم يصوغون أفكارا ومعادلات وتقديرات تبدو في غاية المنطقية ولكنها “بعيدة عن الواقع”.لكن مسألة الابتعاد عن الواقع لها نتائجها “المثيرة للقلق”.
 ذلك أن رجال العلم المعنيين وعلى خلفية قناعتهم بصحة النتائج التي يتوصلون إليها يدفعون أصحاب القرار إلى تبنيها وبالتالي ترددها وسائل الإعلام على أساس أنها حقائق ثابتة بعيدة عن الخطأ كونها مثبتة علميا. كما ينبغي أن لا يغيب عن الذهن أن الباحثين العلميين والمؤسسات التي يعملون في إطارها تبحث عن اعتمادات مالية وترنو الى الترقي على صعيد السلم الوظيفي.
  المؤلف في سطور
 روبرت داروول. أحد الباحثين في “مركز الدراسات السياسية” الذي يمثل أحد مراكز البحث علب الأفكار- المحافظة في الولايات المتحدة الأميركية. يسهم بالكتابة في: وول ستريت جورنال الفايننشال تايمز بروسبيكت.

قد يعجبك ايضا