دراما تتنصل من الهوية!!
جميل مفرح
جميل مفرح –
بضع حلقات من مسلسل همي همك الذي يبث منذ بداية شهر رمضان المبارك كانت كافية لإثارة الكثير من التساؤلات لدى في مقدمتها التساؤل الشائك الدائم.. أين هي الدراما اليمنية¿! مع العلم أن تسأولا مثل ما يدور حول الإمكانيات والقدرات والكفاءات بات من المسلم به عدم إثارته والالتفاف حوله فالإمكانيات يبدو أنها متوفرة وها هي تنتج لنا هذا المسلسل الذي يصح تشبيهه بفراغ مفتوح لايدرك له أول ولا آخر!!
بضع حلقات جعلتني وستجعل أي متابع أو مهتم يقف موقف الحيرة ويتساءل تساؤلات لأحد لها من مثل أين اليمن أين الشخصية اليمنية¿! أين الطبيعة الاجتماعية اليمنية ¿! أين القضايا اليمنية¿! وأسئلة أخرى في المقابل وفي ذات السياق ولكن أكثر أهمية وإلحاحا من مثل : أين الثقافة اليمنية¿! وأين الهوية اليمنية¿! وأين التراث اليمني¿! وهل الهوية اليمنية من السوء بمكان حد محاولة التهرب منها والتنصل عنها بالشكل الذي يصدره مسلسل «همي همك» ¿!
ذلك جانب جوهري هام في ما لاحظته ويلاحظه الكثيرون فيما بث من حلقات هذا المسلسل .. أما الجانب الفني والموضوعي وهو باعتقادي أيضا ذو أهمية قصوى فيبرز حين تجد أن لا هدف حقيقي ولا غاية جوهرية يلمس المتلقي من هذا المسلسل سوى محاولة الممثلين فيه إجادة لهجة لا تمت بمجتمعنا وثقافتنا بصلة لا من قريب ولا من بعيد ومثل ذلك أيضا الأزياء والمساكن والطبيعة التي لاتذكرنا سوى بمسلسلات حقبة الثمانينيات والسبعينيات من القرن الماضي والقادمة من طبيعة مختلفة تماما عن طبيعتنا وأحوالنا وقضايانا وبعيدة كل البعد عما يمكن أن يكون ممثلا لنا أو متعلقا بخصوصيتنا الثقافية والاجتماعية!!
الملفت للنظر والاهتمام في هذا المسلسل التبرؤ والتنصل من هويتنا اليمنية وإذا حضرت اليمن ومجتمعها أو مشكلة من مشكلاتها في مشهد أو لفتة من مشهد ففي هوية وقالب غير يمنيين إطلاقا ما يعكس ذلك التبرؤ والتهرب من معالجة حال وواقع المجتمع اليمني بصورة باعثة على الأسف والأسى!!
والأمر الذي لايكاد يبرز عليه اختلاف أن بلادنا من أكثر البلدان العربية تنوعا في الطبيعة ونوع الحياة البشرية نتيجة لتنوع تضاريس الأرض والمناخ وبالتالي فإننا نحظى بتنوع في كثير من المكونات والمميزات كاللهجات والمساكن والبيئة والحياة الاجتماعية إلى جانب احتضانه الكثير من القضايا والمشكلات والموضوعات مما يوفر إجمالا مناخا مميزا ورافدا غنيا لإنتاج الأعمال الدرامية المميزة.. ومع ذلك نجد هذا المسلسل يتهرب ويتنصل من كل ذلك ليقدم لنا مظهرا حياتيا لايكاد يمت لنا بصلة.
أخيرا .. هل من المعيب أن نقدم قضايانا بذات الطبيعة والقالب الذي نحن فيه والذي يمثل هويتنا وخصوصيتنا ويمنيتنا¿!
ثم أليس من المؤسف أن يصرف على مثل هذه الأعمال ما يصرف عليها من تكاليف وإمكانيات ضخمة فيما لا نجد في المقابل ما يقدم لنا نموذجا يمنيا مختلفا ويعالج ولو شيئا يسيرا من قضايانا ومشكلاتنا المحلية والهامة والملحة¿!
الحقيقة أقول أن هذا المسلسل لايكاد يقدم شيئا نافعا أويعالج قضية هامة بل زاد على ذلك أنه يحاول أن ينهب من ما يمكن أن نسميه خصوصيتنا أو هويتنا وبذلك لم نلمح فيه من تسميته أي هم يكاد يكون مشتركا .. واللهم إني صائم.