اليمن .. تاريخ تسامح وحوار غزا بتعامله العالم

كتب زكريا حسان


كتب / زكريا حسان –
الحوار ميزة فاضلة خصها الله لبني الإنسان دونا عن بقية خلقه والمعاملة الحسنة مفتاح لقلوب كل البشر ولها إيقاعها على النفوس وتهدئة الأرواح وللحوار في حياة اليمنيين إبعادا وجذورا تاريخية على مر العصور اشتهر اليمنيون بالعديد من الصفات والمزايا الطيبة والأخلاق الفضيلة من أبرزها الصدق والأمانة والتسامح والإخاء وتغليب لغة العقل والحوار وبعقليتهم المنفتحة استطاع اليمنيون القدامى بناء علاقات تجارية واسعة مع العديد من الدول والحضارات وبتقبلهم للآخر بنوا جسور المحبة والود مع خصومهم داخل دولهم ومع جيرانهم وعند بزوغ شمس الإسلام كانت لغة الحوار وثقافة التسامح سلاح اليمنيين في الدعوة إلى الله والدين الحنيف
تآلف ومحبة
مواقف لا تحصى وتاريخ عريق يشهد لليمنيين برجاحة العقل وانتهاج سياسة الحوار والتسامح والإيمان بالحقائق التي يقرها العقل من دون اللجوء للعنف ولعل دخول اليمنيين الإسلام وإيمانهم بوحدانية الله عز وجل عند لقائهم برسل رسول الله والحوار معهم واستعدادهم العقلي للتقبل والاستماع وقبولهم لحجج الإسلام الدامغة مثالا صادقا على قدرة اليمنيون على الانفتاح والتحاور وعدم تصلب الآراء والمواقف ولا يمكن لأحد ان يتطرق إلى فضائل وشيم اليمنيين الأصيلة في التعامل الراقي والمسئول من دون الاستشهاد بالوسام النبوي الذي وضعه أكرم الخلق على صدور أهل اليمن عندما استبشر بقدوم اليمنيين إلى المدنية مسلمين وموحدين وقال لأصحابه : أتاكم أهل اليمن وهم ارق قلوبا وألين أفئدة ولنا في تعاون الأشاعرة وتآلف قلوبهم عضة وعبرة حيث كان الأشاعرة عندما تمر عليهم أيام قحط وفقر يخرج كل رب أسرة كل ما في بيته فيجمعونه في مكان عام ثم يقسمونه فيما بينهم بكل محبة وود فلا يبيت بينهم جائع ولا ذو حاجة .
فن المعاملة
وبالأخلاق اليمنية الأصيلة استطاع الدعاة أن ينشروا الإسلام في أماكن شتى من العالم من غير أن يشهروا سيفا أو يريقوا دما فاستخدموا أساليب الإقناع وفن المعاملة والحوار ليغزوا بلادا بعيدة بقوة الفكر منطلقين من مبدأ إسلامي تعلموه وفقهوه يؤكد أن الدين المعاملة فصدقوا مع الله فسخر الله لهم قلوب العباد ودخلت الناس في دين الله أفواجا وبأخلاقهم السمحة استطاعوا أن ينصهروا داخل مجتمعات وثقافات مختلفة وأثروا تلك البلدان بإبداعاتهم وتركوا بصمات واضحة على حضاراتهم وبرزت منهم شخصيات تاريخية قيادية وتجارية تفوقت على مواطنين أصليين وعلى يد الدعاة والتجار اليمنيين وكلماتهم الطيبة دخل الإسلام أندونيسيا وأوزباكستان داغستان تركمنستان وسمرقند وبخارى وأرمينيا والصين وغيرها من البلدان خاصة في شرق آسيا.
ومن الشواهد التاريخية التي تؤكد أن اليمنيين رجالا ونساء اشتهروا بالتسامح والحوار القدرات القيادية للملكة أروى بنت أحمد الصليحي التي استطاعت بدهائها أن تشارك زوجها الحكم حتى مات واستلمت الحكم في ظروف بالغة الحساسية والدقة شهدت خلالها الدولة العديد من الفتن والخلافات لكن ما تملكته الملكة أروى من صفات تتمثل بالدهاء وسداد الرأي والحكمة جعلها تنحوا نحو الحوار والتفاهم وإشاعة روح المحبة والتسامح فخضعت لها رقاب الرجال ودانت لها الدولة بالسمع والطاعة
الأولياء التسعة
ومن الشهود التي ماتزال حية على التاريخ العابق بنسمات العقلية اليمنية الراجحة والمنفتحة على الحوار وتقبل الآخر ضريح ومعالم الأولياء التسعة في اندونيسيا حيث يؤكد المؤرخون أن هؤلاء الأولياء كانوا من أهل اليمن وهم أهل الرأي والمشورة واشتهروا بقدرتهم على التوفيق بين المتخاصمين والعدل والإنصاف وتركوا بصمات واضحة على قلوب الناس وحياتهم بالإضافة إلى أدوارهم الكبيرة في نشر الإسلام فأجلهم أهل اندونيسيا إحياء وأكرموهم أموتا .
واليمنيون لم يفقدوا هذه الصفات السمحاء في الوقت الحاضر وما زالوا يسطرون قصص في فن المعاملة وكرم الأخلاق أينما حلوا أو رحلوا فكثير من الجاليات اليمنية في دول المهجر استطاعت أن ترسم صورة مشرفة عن اليمن بحسن تعاملها وكرم أخلاقها فانخرطت في المجتمعات تؤثر وتتأثر ولعل ابرز شاهدا على حكمة أهل اليمن وإيمانهم بلغة العقل ما تشهده الساحة اليمنية من ملتقى حواري واسع جنب البلاد ويلات الحرب والاقتتال حيث اجتمعوا على مائدة واحدة تاركين خلفهم كل الخلافات والفوارق رافعين مصلحة البلد فوق كل اعتبار

قد يعجبك ايضا