وأين اليمن السعيد!!

خــالد الصعفــــاني

 - 
نظرة عادلة وفاحصة على خريطة الجمهورية اليمنية كفيلة بأن تجعل الواحد منا يفتخر بالانتماء إلى بلد سيرته الحضارية أكثر من ثلاثة آلاف سنة , تغلب فيها الإنسان على صعوبة الطبيعة , و
خــالد الصعفــــاني –

khalidjet@gmail.com

نظرة عادلة وفاحصة على خريطة الجمهورية اليمنية كفيلة بأن تجعل الواحد منا يفتخر بالانتماء إلى بلد سيرته الحضارية أكثر من ثلاثة آلاف سنة , تغلب فيها الإنسان على صعوبة الطبيعة , وكان رجاله في صدر الإسلام حاملين لواء الدين الجديد شرقا وغربا وأحفادهم اليوم مسئولين ومهاجرين كبار في بلدان الشرق الآسيوي والإفريقي ..
يعني افتخر بنفسك وارفع رأسك واعتز بنفسك أنت من اليمن السعيد حتى وإن لم يعد سعيدا كما كان حين أثنى عليه الرحالة والمؤرخون .. ومع كل طيف اعتزاز ونسمة فخر بالانتماء استشعر دورا مهما لكل واحد فينا عبر عنه الشاعر الحكيم وهو يقول : “وللأوطان في دم كل حر … يد سلفت ودين مستحق ” , وبهذا فقط نستطيع المرور إلى حلم إعادة اليمن السعيد الذي كان , اليمن السعيد الذي نريد ..
نحن في موقع القلب بين القارتين الآسيوية التي تنتهي بنا والإفريقية التي لنا معها بركات وحق جوار .. كما نحن في موقع الرئة الثالثة للإقليم الآسيوي العربي والخليجي تحديدا .. لنا أكثر من نصف مليون كلم مربعا ولهواة الأرقام هو 555 ألف كيلومتر مربع .. تضاريسنا منوعة بين المرتفع الشاهق والسهل المنبسط والصحراء الغنية والوديان كثيرة الخير , ويزين كل ذلك شريط ساحلي متناسق تغمز فيه ضربة رأس علي في أقصى المهرة على البحر العربي لعيون ميدي في أقصى حجة هناك على البحر الأحمر ..
قولوا سبعة موانئ بحرية استراتيجية وعشرات القرى الواعدة ساحرة الجمال وآسرة الخصال هي أجمل قصائد ما حبانا الله تبدأ من رائعة حوف ولا تنتهي بروعة اللحية .. سبعة منافذ برية وطرق رئيسية تربط الجسد اليمني وكأننا نستعيد يوم كان لنا في أسفارنا قرى ظاهرة حينما كنا نسافر الليالي والأيام آمنين , طبعا هذا كان قبل أن يظهر من بين أظهر اليمنيين من دعا ببعد المسافات وتعب الأسفار ..
بلد تتعدد فيه الثقافات ويعج بكم الأعراف والتقاليد والطقوس الاجتماعية المختلفة حتى يخيل للمطلع عليها أنه ليس في بلد دينه وتاريخه ولسانه ومصيره واحد .. وتتعدد بداخله فنون النشاط والعمارة والتعاطي مع الأرض بطريقة تبهر وتزيد من غنى المكن والزمان .. حتى المناخ يفتح لك كتاب الاختيار بين البارد والمعتدل والحار الجاف أو الحار الرطب وكأنك في بلد عملاق المساحة كالصين أو الهند أو حتى الولايات المتحدة نفسها ..
في اليمن حضارة ومستقبل زراعة , وفيها حضور ومستقبل ثروة بحرية تغري كل لبيب وصاحب قلب أو ضمير , وفيها كنز معدني تتزاحم خيراته على طريقة الصهارة وهي تتأهب لسباق ما بعد انفعال البركان , ولدينا إرث حضاري كريم وتراث حضاري أكرم شكلت شواهد على العبقرية اليمنية التي مرت من هنا واندثرت أيضا هنا بفعل الإنسان وبسبب ” الفأر ” كما يقال ..
وفي اليمن سكان يرفلون في الأمية الحقيقية والأمية المصطنعة ولكنهم – أي السكان – لا يفتقرون للموهبة والنبوغ والطاقة الإيجابية الكامنة التي تنتظر التجنيد المثمر .. نتزايد بطريقة المتواليات الحسابية لزيادة الأرانب لكننا ننتظر لحظة نداء البلد في العسر وفي اليسر , وننتظر لحظة البدء للعمل في مشوار البحث عن اليمن السعيد من جديد ..
أخيرا :
أعترف للقارئ الفاضل أنني ” كنسلت ” بعض مشاريع المقالات بخصوص اليمن في السنوات الأخيرة والسبب الوحيد كان حالة العك بين حلم ما نريده في هذا الوطن وعلم ما يجهض أحلامنا ويقتلها في المهد .. لكنني هذه المرة وقفت مشدوها وأنا أتأمل خريطة اليمن وهي ما جعلتني في لحظة انفعال مهمة يعرفها الكاتب أو الصحفي دون غيره .. كانت لحظة قبلت فيها جبين هذا الوطن الغالي الحائر بين فساد المسئول وذهول السائل وكلاهما ينتظر انتصار الأمة لتاريخها ومستقبلها في جواب على السؤال المحير .. كيف نبدأ¿!

قد يعجبك ايضا