أطفال: مصدر رزقنا ومن خلاله نؤمن مصاريف الدراسة!!

تحقيق رجاء محمد عاطف


تحقيق / رجاء محمد عاطف –

يعمل مئات من الأطفال اليمنيين في البحث بين أكوام النفايات عن كل ما يمكن بيعه من علب المشروبات الغازية والمياه الصحية الفارغة والأسلاك النحاسية والتي ببيعها تعود عليهم بمبالغ بسيطة تسد حاجتهم نجدهم في حالة يرثى لها يطوفون الشوارع والحارات ويمرون فوق الأشواك والمياه النتنة في بعض الشوارع المحفرة غير مبالين بما قد يحدث لهم نتيجة القيام بهذه الأعمال الخطرة على صحتهم وحياتهم خاصة وجل اهتمامهم هو البحث في النفايات معتبرين أن هذه المهنة هي الطريق الوحيد للخروج من الفقر الذي يعيشونه والذي أصبح يشكل مصدر الدخل الوحيد لبعض الأسر الفقيرة رغم أن بيعها لا يوفر الكثير غير أن الكيلو الواحد منها يصل إلى خمسين ريال ..
فيما تتزايد هذه الظاهرة بين طلاب المدارس الذين يتركون تعليمهم ليلجأون إلى القيام بهذا العمل مما قد يؤدي إلى آثار نفسية مستقبلية وانعكاسات على الأطفال والمجتمع..

استوقفني الطفل يحيى عبدالله 11 عاما طالب في المرحلة الابتدائيةعندما رأيته عائدا من المدرسة في نصف الدوام المدرسي للفترة المسائية وهو في الفترة الصباحية كان يبدو مرهقا يحمل حقيبته المدرسية على كتفه وحاملا في يده كيسا قد جمع داخله بعضا من العلب البلاستيكية والمعدنية فسألته ماذا تعمل بها ومن أين جمعتها¿ فأجابني بأنه يقوم بجمعها من الشوارع والأرصفة ومن كل مكان يمكنه أن يجدها فيه ليبيعها بالكيلو في احد المستودعات والدكاكين المتواجدة في الحارات بالقرب منهم والتي يشترونها منهم بالثمن البخس ليبيعونها لأصحاب المكابس أو التجار الذين يقومون بإعادة تصنيعها سألته ماذا يعمل بالنقود التي يحصل عليها من قيمة العلب التي جمعها من النفايات والطرقات أجابني بأنها المصدر الوحيد لمصروفه المدرسي فهو يتيم الأب يعيش في أسرة فقيرة ويتحسر عندما يرى زملائه في المدرسة يتسابقون على البوفية أو البقالة لشراء ما يحتاجونه من أكل وشراب وحلوى بينما هو يلعب دور المتفرج ..
وكذلك هو حال الصديقين زكريا وعلي البالغان من العمر 12 سنه – وقد تغيبا عن حضور الحصص الأولى في المدرسة لكنهما يحرصان على الامتحان فكما يرويان أن الحاجة دعتهما لذلك فهما لا يملكان دفع رسوم الامتحان لهذا فقد ذهبا يجمعانها من مكان بعيد لكي لا يعرفهما احد فيسخر منهم قالا بأنهم لا ينقبون في النفايات كاملا بل يفتحون الأكياس التي قد يوجد بها هذه العلب ويأخذون البارزة منها كي لا يتسخون ولكن مظهرهم يقول غير ذلك !!
وأما سيف – 10 سنوات وعبده- 11 عاما وأخوه جاءوا من القرية بعد وفاة والدهم وزواج والدتهم وانقطاعهم عن التعليم حيث لا يجدون من يرعاهم أو يقوم بتوفير ما يحتاجونه لتعليمهم ويعيشان الآن في منزل أختهما مع زوجها المعاق يقولان أنهما يجمعان علب البلاستيك من كل مكان وحتى براميل القمامة ليساعدا أختهم في إعالتهم وتوفير المأكل والمشرب وما يلزمهم ..

أضرار صحية
وعن الأضرار التي قد يتعرض لها الأطفال خلال جمعهم للعلب من النفايات يقول الدكتور/ عبدالله السري- أخصائي باطنية وأطفال- بمستشفى الروضة بني الحارث : من المعروف أن النفايات تحوي جميع المخلفات المنزلية والمصانع والمستشفيات وهي أطعمة فاسدة ومواد كيماوية منتهية الصلاحية وغيرها من المخلفات التي تعود بالضرر الصحي والكوارث البيئية إن لم يتم إزالتها والتخلص منها وهذه جميعا تتفاعل ببعضها بسبب ظروف الطقس والرطوبة وتؤدي إلى انتشار الجراثيم والفيروسات في الجو المحيط به وهذا بدوره يسبب وينقل العديد من الأمراض خاصة الفيروسية مثل التهاب الكبد والالتهابات الجسدية كالأمراض الجلدية التي قد تكون مزمنة جدا ويكون حلها صعبا وتحتاج إلى الوقت لعلاجها وقد لا تتوفر الإمكانات المادية مع البعض فحينها يذهب الطفل ضحية لكل هذه الأعراض وأضاف: كذلك قد يصاب بأمراض الكوليرا والسل والتهاب الأمعاء الفيروسي وكذلك حالات الإسهالات والقيء وارتفاع درجة الحرارة والرشح والحساسية في الجلد وضيق التنفس والإصابة بالبكتيريا والطفيليات المعدية وأيضا التعرض للروائح الكريهة باستمرار في الجو المليء بالجراثيم والبعوض يسبب ظهور مشكلات سرطانية والإصابة الأطفال بأمراض جلدية خطيرة وجميع الأمراض قد نصادفها خاصة في تلوث الأيدي لأن الطفل الذي يعمل في النفايات يقوم بالبحث بين المخلفات أو رفعها ولا توجد قفازات على يديه مما قد تنتشر الأمراض وهنا قد لا يتعرض هذا الطفل فقط للأمراض وحده وإنما الآخرون بجانبه بسبب العدوى وانتقالها مباشرة بينهم .
وأوضح السري : أن الأطفال هم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض والعدوى وذلك لأن مناعتهم ضعيفة جدا ولا يزال نموه غير قابل لانتقال الأمراض والعدوى وحين يصل نموه إلى 14 سنة وما فوق فتبدأ تكون المناعة لديه قوية ولكن في مرحلة الطفولة

قد يعجبك ايضا