المدرسة الابداعية والاخلاقية المرموقة
حسن أحمد اللوزي
حسن أحمد اللوزي –
كنت أريد أن أضع لكتابتي ليوميات هذا اليوم عنوانا وجدانيا عميقا آخر «أنا فدى السلال ـ فدى بلادي». تذكيرا بجانب من الشعارات التلقائية الحارة التي هزت مشاعر أجيال بكاملها وليتم استرجاع المضيء من عمق الذاكرة الوطنية الثورية والتي ترابطت بتلكم الصرخة الانشادية المدوية بقوة الاداء وصدق الولاء وعظمة العاطفة الوطنية الجياشة والتي صدح بها المغفور له بإذن الله الراحل الجليل محمد مرشد ناجي ورددت ذلك تلقائيا انفعالات الجماهير اليمنية المغتربة التي حضرت ذلكم الاحتفال الذي اقيم في دولة الكويت الشقيقة وسجله التلفزيون الكويتي وبثته اذاعة الكويت.. وظل يتكرر بث ذلك النشيد ويفعل فعله العظيم مع الاناشيد الاخرى الوطنية المواكبة لانطلاقة الثورة اليمنية المباركة ومسيرتها المتصادمة مع العديد من التحديات.
ولا بد عند رصد دور الفنون الجميلة ودراسة عمق تأثيرها في الدفع بمسيرة الحياة وصنع تطوراتها من الوقوف المنصف امام ما مثلته الاناشيد والاغاني الوطنية بصورة خاصة والتي تجلت فيها صور التميز والابداع بالنسبة للمرشدي خاصة وصلته العميقة بالجماهير من بدايات عطائه الفني وتأثيره في تشكيل نبضات الوجدان الوطني بالابجديات الساطعة والراسخة لقيم الولاء الوطني والايمان بالوحدة الوطنية والفرح والابتهاج بالثورة اليمنية المباركة «سبتمبر واكتوبر» واذكاء مشاعر الإباء والعزة الوطنية والنخوة والكرامة الانسانية وإلهاب عواطف الالتفاف حول المسيرة الثورية المباركة الجديدة والانتصار لإرادة الحرية.. والتحرر من الظلم.
ولا شك بأن تلك الاشراقات الإنشادية لدى محمد مرشد ناجي والكوكبة الرائدة والمجاهدة من الفنانين والمطربين لم تكن ابدأ منقطعة الصلة بحركة النضال الوطني وتاريخها الذي عايشه الراحل الجليل منذ بواكير حياته وقربه بل وصلته الوثيقة بالرعيل الأول من رواد الحركة الوطنية اليمنية في المنارة الاولى لليقظة الوطنية وحاضنة الاحرار من كل ربوع الوطن اليمني عدن الباسلة والتي كانت منبعا متناميا للفعاليات المتحررة السياسية والثقافية والصحفية والجماهيرية بما في ذلك الفعل التنويري الوجداني الذي شكلته حركة الإبداع الثقافي الفني والموسيقي والمسرحي بداية من «المخادر» التي كانت حاضنة للفنون وحقل خصوبة وتفاعل وتنافس الإحياء التراث الغنائي.
وتجدد حياة الإبداع الموسيقي وقيام شركات التسجيل الغنائية والموسيقية ونشوء الفرق والمدارس الإبداعية الفردية.. والجماعية في حركتها المبتدئة.. ولهذه الاعتبارات بدلالاتها الشاملة فضلت العنوان المثبت أعلاه حتى لا يظلم محمد مرشد ناجي فهو المثقف الفاهم ذو المعرفة المتخصصة والفنان الكبير والأصيل صاحب المدرسة الإبداعية الخاصة ومع ذلك فهو الفنان الإنسان ذو الخلق الكريم والسيرة الإنسانية العطرة وقد اكتمل برحيله عنا إلى الرفيق الأعلى كشخصية موسوعية متميزة العطاء سواء في مجال الفنون أو حقل الثقافة – وفي خضم التعامل الحضاري في الحياة التي عاشها في الوطن وخارجه.
ولاشك بأن السفر العظيم الذي خلفه لنا وللأجيال القادمة من الإنجازات اللحنية والإبداعات الموسيقية والغنائية والإنشادية ومن الدراسات والبرامج والكتابات المهمة ستظل زادا حيويا خلاقا بين يدي المتعلمين والدارسين بل والمؤرخين ليس في تتبع ما كان وإنما أيضا في استشراف المستقبل بأعمال إبداعية متجددة يغدقها الإلهام.
وحسب الراحل الجليل أنه في بعض ما كتب واعتنى واجتهد أشبع غيرته على الفن وأهله وخاصة في كتابته عن تاريخ الأغنية اليمنية ومشاهيرها دون أن ننسى إنصاف صاحب الفضل الأول والأشمل في هذا المضمار المغفور له بإذن الله الأستاذ الجليل الدكتور محمد عبده غانم.. وكذلك ما أثرى المكتبة اليمنية والعربية والعلمية به الأخ العزيز والفنان الكبير عبدالرب إدريس في رسالته للماجستير والدكتوراه.
نعم لقد عاش المرشدي حياة إيقاعية عميقة الوجود وأصيلة التجدد وثرية العطاء انبثقت من تفجرات ذاته الوارفة بخمائل الألحان والموسيقى وقدراته الشخصية المتميزة في الأداء والغناء على حد سواء في علاقة وطيدة مع منابع التراث الفني والفلكلوري الغنائي والموسيقى بداية من الخميلة الأولى التي طبعته وتطبع معتدا بها.. فهو صاحب علاقة روحانية وتفاعلية حميمة مع الأغنية الصنعانية التي استطاع أن يفك مغالق أسرارها ويذيعها وينسج على منوالها في ألحانه وإبداعاته المتميزة وفي نونات التوزيع الموسيقى لها.
وتعامل بمعرفة وذكاء مع الميراث المكنوز من الفنون الغنائية والأصوات الموسيقية