«نصية العنوان» في المجموعة القصصية «يحكى أن سيكون»

عائشة عبدالله المزيجي

عائشة عبدالله المزيجي –
النص الأدبي فى العصر الحديث جاء ليجيب على شتى النفوس , إنه نص مفتوح ابتعد عن الشكل الواحد والمعنى الواحد , وتعدد بتعدد النفوس التي تريد التشرب منه . لذا تستطيع أن تأتيه من أي جهة حتى من العنوان الذي جعله جيرار جينيت عتبة من عتبات النص فى كتابه»عتبات» , يتجسد لديك وأنت تقف على عنوان المجموعة عدة خوارق مثل الإبريق المسحور , الكنز الذى تحول ذهبا …. … وو, أمام مدلول الحكاية الذى تصدر العنوان وسبق زمن المستقبل « أن سيكون « , نصية العنوان تجرك مرغما إلى جميع النصوص معمما رؤية واحدة من البدء متجهة نحوزمني الماضي والمستقبل , وقد وجدت جميع الأقاصيص امتدادا لهما وتفصيلا لهما بعد وجودهما معا فى تركيب واحد حاملين رؤية واحدة مما جعل وظيفة العنوان فى المجموعة وظيفة إشارية *, ففى ظل سعة اللغة وامتداد الرؤى سمح للزمان والمكان فى المجموعة أن يخرجا عن دلالتهما النمطية المحددة , فحمل العنوان نظرة سوداوية للمستقبل مع وجود مدلول الحكاية وما عرف عنها من الخوارق وعدم المصداقية والعجائبية التي يستحيل أن توجد على أرض المستقبل .
عند استقصائك وجود زمني الماضي والمستقبل على مستوى المجموعة تجد الغلبة لوجود الماضي مع تناثر المستقبل بين سطور المجموعة , ويكفي أن « ثرثرة مختصرة « جميع أقاصيصها وعددها ثمانية عشرة قصة قد ابتدئت بالفعل الماضي , إن دل على شىء فإنما يدل على تعميم رؤية العنوان على المجموعة كاملة , أما أقصوصة «بقايا .. ندوة « فقد حوت مائة واثنا عشر فعلا ماضيا كما ذكر المستقبل ثلاث مرات كالتالي [ ستبدأ الندوة بعد ساعة , سنتحاسب بع الندوة , تنفذ ما سآمرك به أثناء الندوة ] .
لا يكون للزمان وجود إلا فى إطار مكان , لذا كان العنوان دليلا وإشارة نحو المكان الملحوظ توظيفه خاصة [بقايا ..ندوة ],حدث الندوة لابد من مكان يحتويه لذا شعت الأمكنة فى الأقصوصة بالدلالات [ القاعة , المدرجات , المنصة , الخارج ] , وابتدئت الأقصوصة بـ «القاعة»[ ألقيت نظرة على القاعة …] (1 ) مستوحيا خروج القاعة عن مدلول المكان المحسوس , وتمثل السياق رؤية مسبقة عن مضمون الندوة بدلالة القاعة على الشمول واتواء القاعة لحدث الندوة , وقد تكررت» لفظة « القاعة سبع مرات بعد المرة السابقة تأكديا لذلك, كما تشير القاصة إلى تلك الرؤية مع مدلولى «الفراغ , النظافة «الرامزين مع وجود القاعة إلى الخلووالإزالة ماحين عن الحدث معنى القيم تأمل [ نظرت إلى القاعة التي عاد يحشوها الفراغ , حملت رفيقي وذهبت أبحث عما يصلح للكنس ولاحظت أن القاعة ما تزال تحافظ على نظافتها وترتيبها السابقين ] ( 2) وتأكيدا لذلك تكررت لفظة «النظافة» أربع مرات , كما تستوحى تلك الدلالة من كلمة « بقايا» ودلالتها على القلة أوالخفة التي هي صفة للقصاصات وقد ذكرت بعد الندوة فى سياق سرد على لسان الشخصية [ نفرت القصاصات من يدي , تساقطت على الأرض الواحدة تلو الأخرى ] ( 3) مستوحيا رؤية الشخصية تجاه الحدث مع علاقتها بالقصاصات والقرينة الاستعارية « نفرت» .
تساهم المدرجات فى تكثيف الدلالة حول الندوة مع وجودها مرتين خلال الأقصوصة بلونين مختلفين هما لونا مشاعر الشخصية قبل وبعد الندوة [ شعرت برهبة وأنا أخترق المدرجات الصامتة , سرت بين المدرجات دون رهبة هذه المرة ] (4 ) إذ مع « شعرت برهبة , سرت دون رهبة «تستوحي انعدام وجود الشخصية مع غياب ثقتها بنفسها وقد امتص المكان «المدرجات» ذلك الانفعال فمكنتها الاستعارة من الصمت,كما تستوحي وجودها وقد تأكدت خلو الحدث من المعنى والقيم .
المنصة وقد تكرر وجودها خلال الأقصوصة أربع مرات بدلالها على المكان العالي مفارقة تؤكد انخفاض مستوى القيم والمعاني فى مضمون الحدث [وصلت إلى المنصة ورحت أتهجى عنوان الندوة ثانية , نظرت إلى القاعة مستعيدا ما جرى , وكأن الأمربرمته كان طيف حلم وانقضى …. (5 )
الخارج كمكان كان نصا كاملا , وهو يترجم بالنقاط التي تبعته على صفحة البياض رفض الشخصية لمضمون ما [ اصطحبت ما تبقى من هذه الندوة إلى الخارج…… (6 )
أرادت القاصة أن تحمل رائحة الحدث على رفاف الزمان والمكان فكان اختيار العنوان وكان اختتام الأقصوصة بالمكان [ أخفيتها فى المكان الذي يخفي فيه الناس ما يسوؤهم …رؤيته ] (7 ), ليس فقط أقصوصة « بقايا ندوة « هي التي حملت الزمان والمكان لكن وجودهما إضافة إلى ما سبق قد كان مبتدأ أقصوصة كلنا « أبطال « اليوم معركة أخرى وكذلك عنوانا لأقصوصتي [ في الحادية عشرة ] , و» بيت ينتظر صاحبه « .
شعرية النص شعرا أو قصة اقتناص لذهن المتلقي ومشاعره لما بين لفظة « شعرية» والمتلقي من ارتباط وهي تؤخذ من لفظة الشعور , وتختلف أساليب الشعرية باختلاف الكتاب ووجهتهم الفنية فعند أديب إبعاد الدال عن المدلول , عند أخر كمية المعارف التي يلقيها النص مع الغموض وهذا ن

قد يعجبك ايضا