الـتـغـيـيـر فـي رمـضـان

محمد السهماني

محمد السهماني –
التغيير في رمضان هو التغيير الحقيقي الذي ينطلق من روحانية الشهر الكريم في نفوس الصائمين ممن يطمحون إلى تغيير سلوكياتهم إلى الأفضل والأجمل في جو فريد ومناخ ملائم لتطلعات الوصول إلى التغيير الحقيقي لما تعيشه الأنفس من شؤم المعصية ورتابة التقصير في حق الله…يأتي رمضان حاملا معه فرصة التغيير والمصالحة مع الله بفتح صفحة جديدة بداية سطورها العزم على تغيير شوائب النفس بطمس رذائلها وتنمية فضائلها ومدخل هذا التغيير هو شهر رمضان الكريم الذي يضمن لنا كمسلمين الحصول على التغيير المنشود دون الحاجة إلى طلقة مدفع ولا إلى تجييش الأتباع والموالين وأعظم من ذلك أن التغيير النفسي الذي نقصده هنا لا يحتاج منا إلى افتراش الأرض ولا إلى إتباع الطرق و إلى الوسائل المشروعة وغير المشروعة كون هذا النوع من التغيير منشأه الحاجة الملحة لتغيير سواد النفس أكانت هذه النفس في أعلى هرم الحكم أو قابعة في أدنى درجات المحكومين ذلك أن عرض التغيير الذي جاء به رمضان لكل من يطالب بالتغيير في واقعه ومجتمعه …أضاف إليه هذا الشهر تغييرا مهما وضروريا وأساسيا وهو تغيير ما في النفس على مستوى الفرد الواحد كبداية سليمة إلى التغيير الكلي الذي يتوج عادة بالقضاء على مظاهر الاستغلال والاستحواذ على الحياة السياسية والاقتصادية وغيرها وأعتقد أن هذا المفهوم لحقيقة التغيير هو مفهوم القرآن الذي يقول (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
إن الهدف الرئيسي لنا في هذا الموضوع ليس التعريج في قضية التغيير السياسي فالإجماع قائم وحاصل على حتمية التغيير لكننا قد نتفق ونختلف على الوسائل المؤدية إلى التغيير وهذا لا يهمنا كون الاختلاف والاتفاق لم يعد اليوم ذي أهمية وليس المقام متاحا ولا حتى مقبولا لإحياء ما اندثر وأصبح ماضيا…ولكن الذي يهم وأنا أحاول جاهدا لملمة كلمات بسيطة لصياغة عبارات عريضة وملهمة للقارئ الكريم الذي يحدوني الأمل في استيعابه لمدلول معاني شهر رمضان كفرصة حقيقية للتغيير على المستوي النفسي والشخصي لكل مسلم وكلنا هذا المسلم الممتثل للصيام في نهاره والقيام في لياليه .. وأعتمد في رؤيتي لرمضان كفرصة حقيقية للتغيير السلوكي على المستوى الشخصي والفردي..اعتمدت في ذلك على المقصود الشرعي لفرضية الصيام فمقصد الشرع الحنيف من رمضان صقل نفس الصائم العادي من عاده الجفاف الروحي إلى مرتبة المؤمن التقي بديل آية الصيام ( يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) فالتقوى هنا هي المبرر الأول للصوم بنص الآية الكريمة وحقيقة التقوى تكمن في قدرتها على التحول الجذري لنفس المسلم وتغيير عاداته وطباعه من الأسوأ إلى الأحسن وتحقق التقوى والتحلي بها بهذا الشكل لا يتأتى إلا والإنسان منا صائم ومحل الصوم المفروض هو شهر رمضان وبالتالي يأتي رمضان ليذكرنا أنه شهر القرآن لكل من هجر تلاوته وأن يغير نسيانه وإهماله لقراءة القرآن قبل رمضان إلى حال العودة لتلاوة الآيات واكتساب العبرات أثناء هذا الشهر الفضيل الذي يقدم الحوافز التشجيعية ذات الصبغة المعنوية لكل من يريد التغيير إلى الإيجابية …
إن من المسلمات الطبيعية أن نفهم أن رمضان هو الجو الملائم والمناخ المناسب لتغيير أنفسنا وتحسين طباعنا…كيف لا
ورمضان تصفد فيه الشياطين دلالة على خمد الأفعال التخريبية ذات البصمات الشيطانية حتى وإن ارتكبتها الأنامل البشرية التي كان من المفترض بها تقييد تصرفاتها العبثية في رمضان كون الشياطين من المردة صفدتها العناية الإلهية إكراما لرمضان فكيف بنا نحن بني البشر نقفز على تحركات الجن ونحن في رمضان…ألا توقفنا هذه الحالة قليلا مع أنفسنا لنعيد النظر في تعاملنا مع رمضان خاصة ونحن في رمضان الذي لا يكف عن بث أنفاسه العطرة في أرواحنا ففيه ليلة خير من ألف شهر وما من ليلة فيه إلا ويكون فيها عتقاء من النار…في رمضان تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار…وكم هي خصائص وفضائل رمضان التي لا يتسع المجال لذكرها هنا وفيما يلي أقدم للقارئ الكريم بعضا من المشاهد التي برهنت على قدرة رمضان في إحداث التغيير الحقيقي والملموس في نفوس الجادين فقط ممن يتعاملون مع رمضان على أنة الفرصة الحقيقية للتغيير…فاكتظاظ المساجد بالمصلين في رمضان دلالة على عزم المصلين في حضور الجماعة وتغيير ما كانوا عليه من ترك الجماعة والصلاة في البيوت أو حتى قطع الصلاة كلية..وكان لرمضان هنا الفضل كسبب رئيسي في جمع الناس بناء على التأثر به بعد التوفيق من الله بطبيعة الحال وكذلك حرص الناس على الإكثار من قراءه القران في رمضان مقارنة بسائر الشهور والأيام…ولا يمكن المحتاجين والفقراء رغم أن الإنفاق وإخراج الحق الشرعي للزكاة وغيرها غير متعلق برمضان بقدر ما هو مناط بحلول الأجل والنصاب في أي وقت وأي زمانلكن الناس تعودوا أن تتغير سلوكياتهم ومعاملاتهم في رمضان وليس في غير رمضان…بعد كل ما

قد يعجبك ايضا