من آجل حوار وطني جاد وفاعل!!¿


1-3
أحمد يحيى الديلمي
لا يختلف اثنان على أن القيادة السياسية وفقت في اختيار اللجنة الرئاسية المكلفة بالتمهيد لمؤتمر الحوار الوطني الشامل كل الأعضاء أصحاب تجارب ومشهود لهم بالوطنية والخبرة وهو ما يقلل المخاوف ويضاعف الآمال. وإن كان المعترك أمامهم خطيرا والظروف شائكة وصعبة ومعقدة والجروح المفتوحة عميقة لا يمكن أن تندمل بمجرد الأماني الأزمات تفاقمت وطالت كل مواطن بلا استثناء وهذا العامل وحده يضاعف الخطورة ويزيد من توغل المتارس الوهمية في أعماق النفوس. بالتالي لا بد أن ترتقي كل القوى السياسية إلى مستوى المسؤولية وتدرك أنها أمام قضية وطنية هامة تتصف بالقداسة كونها تتعلق بقضاء الوطن وهموم المواطن.
بعد أن جربت القوى الفاعلة حظها في استخدام القوة وفشلت في كسر شوكة الآخر لا بد أن يدرك الجميع بأن الحوار الوطني الشامل الجاد والفاعل هو السبيل الوحيد لاستعادة الذات الوطنية المهدورة.
من حيث المبدأ فإن كل المعطيات توحي بأن المشاكل المتراكمة شديدة الحضور والفاعلية ولها تأثير قوي على ذهنيات الناس ومستويات تفكيرهم في هذا السياق لابد أن نذكر بالإشكالية الأزلية التي تتمحور في مستوى فهم الكثيرين للمصطلحات والمفاهيم الدينية والسياسية والاجتماعية للأسف هناك مفردات ومفاهيم عديدة تلوكها الألسنة وترددها الشفاه لمجرد التباهي وفرض قوة الحضور لأنها سرعان ما تغيب من واجهة الخطاب السياسي للأحزاب والقادة والوجاهات الاجتماعية إذا تعلق الأمر بالمكاسب وتوزيع الغنائم الإشكالية أن كل طرف يفسر مضمون كل مصطلح من وجهة نظره وهذا هو أساس الاختلالات المنهجية والانحرافات الفكرية ومصدر تفاقم الأزمات بأبعادها السياسية والاجتماعية والدينية وما يترتب عليها من آثار سلبية في الجانب الاقتصادي ومستويات المعيشة للسواد الأعظم من المواطنين.
التعامل مع المصطلحات بفهم قاصر أو أحادي الرؤية وهو مبعث التجاذبات وحملات التشهير ومعارك الكر والفر الكلامية بين القوى السياسية وهذا للأسف ما نلحظه في الخطابات المأزومة لكل الأطراف السياسية عن مفاهيم:
– الاصلاح والتغيير ومحاربة الفساد.
– الديمقراطية والتعددية السياسية.
– الحقوق والحريات العامة.
– حرية التعبير.
– التبادل السلمي للسلطة.
للأسف كل طرف يفسر مضمون كل مفردة على هواه وبما يوافق وجهة نظره ورغباته المبيتة ثقافة الاستقطاب وتهييج المشاعر ورغبة التجييش العشوائي هي الغالبة على واجهة الخطابات الجماهيرية وهي التي تنزلق بالجميع إلى مجاهل إيحاء نفسي وهمي يولد عقدة الإحساس بالتفرد في امتلاك الحقيقة قد يكون الأساس كذبة وخطوة استباقية للاستئثار بتيار جارف يسيطر على حركة الشارع إلا أن من صاغ الكذبة سرعان ما يصدقها ويجاهر بأنه وحده المنفرد بامتلاك ناصية الحقيقة إذا اقتضى الأمر يعمد إلى التشكيك في مضمون الآخر ومكون وجوده الثقافي والاجتماعي بهدف إقصائه وتهميشه وهنا يبرز سؤال في أجواء كهذه كيف يمكن تعزيز مناخات الثقة¿
من الصعب استباق الأحداث وتكوين إجابة مقنعة عن السؤال الذي أسلفنا.
وتزداد الصعوبة نتيجة التداخل الكبير بين القبيلة والعشيرة والمنطقة والطائفة من جانب وبين الحزب والمذهب من جانب آخر.
هذا التداخل فرض الارتهان للمصلحة بأبعادها الخطيرة التى تخضع كل شيء للمزاجية والرغبات الذاتية لا فرق بين القيادة التأريخية للحزب وشيخ القبيلة وزعيم الطائفة ومرجع المذهب.
الكل يفكر بمنطق المكسب المادي وينحاز إليه لأن الجميع يحتاج إلى المال لاستحالة الاتباع بشراء الضمائر وكسب الولاءات وضمان التأييد.
وأخيرا التجييش العشوائي من أجل السيطرة وفرض الإرادة والتفرد بكل شيء في نطاق المكون السياسي أو الاجتماعي.. هذه الظاهرة سبب الانقياد الأعمى وتقديس الأشخاص وتعدد الولاءات والانقياد لأعمال وأفكار ضالة دون التفريق بين الثابت والمتغير وبين الحق والباطل وبين الخطأ والصواب.
على هذا الأساس يفهم التعدد والاختلاف والتباين على كل المستويات هذا الفهم كارثة بذاته كل فريق يعتقد أن فهمه هو الصح وأسلوبه هو الصواب وأن من سواه على خطأ أو عامهين في غياهب الضلال. إلى غير ذلك من المفردات من أول المحاذير في هذا الجانب أن لا ينطلق الحوار من العاطفة لأنها تتغلب على العقل وتجعل الإنسان متخبطا ومستعدا للانقياد والطاعة العمياء والخنوع ومحاكاة وتقليد أفكار وأفعال الآخرين دون معرفة وبلا تبصر لا أقول هذا الكلام من قبيل إضعاف الهمم وإحباط المساعي حاشى لله كل ما أوردته حصيلة قراءة متعمقة لتجارب سابقة دلت على التركيبة الحقيقية لشخصية الإنسان اليمني «1».
هناك عدة تجارب حوارية شهدها الوطن في الماضي لم تخل جنباتها من المعارك السياسية والكلامية وما رافقها من تأويلات خاطئة وأساليب ملتوية اقتضت التوظيف النفعي للمفردات وتجذير أنماط سلوكية ش

قد يعجبك ايضا