حول منهج الحرية (1)
حسن اللوزي
حسن اللوزي
حسن اللوزي
لاشك أن التمسك بمنهج واحد محدد ودقيق هو منهج الحرية لعيش الحياة والمشاركة فيها وخوض غمارها هو السبيل الأول والأخير لانتقال الأمة العربية إلى الوضع الصحيح على خارطة العصر.. وإلى تجاوز كافة الأدواء والعلل المتفاقمة التي تعاني منها في حياتها المرضية الموسومة بالضعف والتخلف والتمزق.. والاختلاف!!.
وأن تجريب كافة مناهج التلفيق أو السيطرة والتوجيه التي أملتها أفكار المواءمة والإصلاح والشمولية السياسية والأيديولوجية والفكرية قد أفضت إلى الفشل الذريع.. بل إلى تعميق الجزء الكبير من ثقافة التخلف والمراوحة في الطريق المسدود في ظل الدويلات القطرية البائسة والتي سوف تبقى بؤر لإنتاج كافة الأدواء والعلل!!.
إن التمسك بمنهج الحرية السياسية “الديمقراطية” والحرية الاقتصادية “حرية السوق”.. والحرية الثقافية “حرية الإبداع والابتكار” والحرية الاجتماعية “تحقيق المساواة والعدالة” هي أهم ما تحتاجه المجتمعات العربية اليوم بصورة جوهرية.. وكأساس لقاعدة متينة للبناء من جديد.. أو لإعادة البناء على مزاحمة الأوضاع الماثلة التي صارت تعطل وتمسخ كل جهد يبذل نحو البناء والتنمية مهما كانت صورته ونوعيته سواء على صعيد التغيير الاجتماعي أو الاقتصادي وأن كل مشاريع النهضة الاستهلاكية التي تحققت في أكثر من قطر عربي خلال النصف الثاني من القرن المنصرم حتى عملية التصنيع التحويلية والسلعية التي تمت.. بدت أنها لا تمثل أي ثقل في الوجود العربي الكريم.. المقتدر سوى أنها حافظت إلى حد ما على صورة من صور الحفاظ على البقاء في خط التخلف والعالم النامي والتعايش مع أشكال من المعاناة والمتفاوتة في ظل الدويلات القطرية العربية لوقت أيضا بدا أنه ينفد أو يشهد العد التنازلي نحو العودة إلى الخلف في استمراء التقليد الأعمى والنقل النفعي الوقتي أو في معمعة التبعية والسقوط في كمائن الاحتراب والاستلاب أو الاحتلال على حد سواء!!.
وكل ذلك بعيدا عن المنهج الصحيح واستيعابه الاستيعاب الدقيق والثقة في القدرة على تطبيقه على كافة مناحي الحياة واكتشاف الإمكانيات الذاتية والقدرات الثقافية التي تؤل أمتنا على الإبداع فيه والإضافة إليه وهو الأمر الذي يتعين تجريبه بكل قوة الإيمان وطاقات العمل والشجاعة والجرأة والمغامرة.. حيث لا يوجد ما يمكن أن تخسره أمة ضعيفة ممزقة وضائعة إلا أن تخوض هذا التحدي.. وأن التجربة البشرية الراهنة تؤكد بصورة لا مجال فيها.
ولاشك أن خوض غمار الحرية يعين على تجاوز مراراتها.. ويعالج أدواءها وأنه لا يمكن أن يؤدي إلى النكوص أو الخسران وخاصة إذا ما أدركنا أن الحرية في جوهرها هي عصب فكرة الحياة الإنسانية ومكمن قوتها المعنوية الأولى كما أرادها الخالق سبحانه وتعالى وجوهر معنى الاستخلاف في الوجود الإنساني تما بتمام.. فبها تتحقق قيمة هذه الأبعاد الثلاثة المتلازمة “الإنسان المجتمع الوجود المحصن ضد الخسران” وأينما فقدت الحرية تحقق الاختلال.. والنكوص والتخلف.
إذا فعلينا في هذا الوطن الناهض الجديد أن نستشعر معنى الاطمئنان بأن منهج الحرية المشار إليه الذي هو مرتكز والتزام دولة الوحدة منذ ميلادها الجديد صار يتدرج في معمعة التطبيق العملي كرؤية متلازمة بين الحرية السياسية والحرية الاقتصادية والثقافية وتحقيق المساواة وبناء لبنات العدالة الاجتماعية برغم كل الصعوبات والمعوقات النفسية والثقافية والمادية “انعدام الإمكانيات والتمويل” فقد صارت عملية الإصلاح والبناء في طريقها المتاح والمشهود لحقيقة المعنى الفطري والحيوي للمدلول العميق والعظيم لمنهج الحرية الذي ما زال يتطلب المزيد من العمل والإبداع والتحصين من النكوص أو التراجع والانحراف.
وفي مقدمة ما يجب العمل من أجله في هذه المرحلة هو توظيف كل الجهود الوطنية من أجل صيانة الحرية السياسية والحرص على تجويد الممارسة الديمقراطية والوفاء بكل استحقاقاتها الدستورية والقانونية وخاصة بعد أن غدت أعظم مكاسب الشعب الثورية والوطنية.. وبفضلها انتقل الوطن اليمني الواحد من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية الكاملة منذ الفجر الوطني العظيم ليوم الثاني والعشرين من مايو وإعادة تحقيق الوحدة اليمنية وقيام دولة الجمهورية اليمنية حيث صارت الديمقراطية منهجا ودستوريا ثابتا وشامخ البناء كما هو ماثل في المؤسسات الدستورية الراسخة الوجود والأركان والفعالية على النطاق المركزي والمحلي بداية بانتخاب السلطة التشريعية وانتخاب رئيس الجمهورية وانتخاب السلطة المحلية والمحافظين في ممارسة حرة ومسئولة في الانتخابات العامة الحرة والمباشرة التي هي جوهر الحكم الديمقراطي.. وفي الصورة الموازية على نطاق المجتمع فقد شهدت البلاد حركة عقلانية راشدة في ترجمة مبدأ المشاركة السياسية في إقامة العديد من مؤسسات المجتمع المدني كما هي