طب الاسترزاق! 

معاذ الخميسي



معاذ الخميسي

معاذ الخميسي
< مشكلة بل وكارثة حين تتحول أهم المهن وأكثرها ارتباطا بحياة الناس وبإنسانية التعامل إلى مهنة للاسترزاق وجني الأموال والأرباح المهولة دون أدنى اهتمام بالقسم الطبي ولا بأصل وفصل الإنسانية المنزوعة من دسوم الاستغلال الرخيص والقساوة واللامبالاة والأخلاق الساقطة في قاع سحيق حيث البحث جار فقط عن المنافع والمكاسب على حساب حياة وأرواح البشر!
> والأبشع والأوجع من أن  تكون كارثة فقط أن يتهاوى مستوى الطب في بلادنا بدلا من أن يتحسن وان تكثر الدكاكين أو المستشفيات الخاصة “لافرق” ويتزايد اللاهثون وراء الأرباح على أساس أن المشروع الذي لا يمكن أن ينتهي بخسارة أو بتفليسه هو فتح مستشفى ولا غريب إن وجدنا بعض التجار يتبنون تعليم أولادهم الطب من بابه الخلفي وفي زمن شهادات الطرق المتعددة بهدف أن يقفوا على مشاريع الربح الذي يريد “الخفية” ويفتحون لهم الدكاكين ذات النجوم الثلاث والأربع والخمس ليبقى الهم والمهم حسبة آخر اليوم التي تكشف الأرباح لا من شفي ومن مات!
> وضع مزر فعلا والوزارة والمجلس الطبي الأعلى يتفرجون حتى على كثير من مسئولي المستشفيات الحكومية الذين لا يطورون بل يخربون لتنتعش دكاكين الطب الخاصة ومنها التي يمتلكونها ويشغلونها بتحويل المريض مجبرا “لابطل” إليها ..فلم يعد الأمر مقتصرا على الطبيب الذي يحول المريض إلى عيادته بل وصل إلى الطبيب والمدير اللذين يحولان المريض إلى مشفاهما الخاص!
> قولوا سلام الله ورعى الله مشفى الكويت الحكومي أيام طيب الذكر الدكتور محمد الحريبي وطاقم الإنسانية الحقة المتجانس ولاسامح الله من حكم على آخر مستشفيات الدولة النموذجية بالنهاية القاتلة وجاء بمن أنهى المستشفى الذي كان يقدم خدماته الطبية مجانا وعلى يد أساتذة الطب الكبار حيث كانت العناية والاهتمام بالمريض وبما يعانيه في أول الأولويات.. وأعان الله الدكتور عيسى محمد عيسى في محاولات إصلاح ما خربه الدخلاء !
> وكيف سأستبشر خيرا بأن يصلح الوزير الجديد للصحة الحال وحال مشفى الثورة الذي تولى مسئوليته وتركه قبل أيام  يشكو الإهمال والدكاترة المنهمكين في “التخزينة” والمولعين بإغلاق تلفوناتهم!
> مازالت دموع الأستاذ محضار السقاف وقهره وحزنه في عيني عندما أخذ زوجته إلى مستشفى ” اليمني الألماني” في حالة ولادة ولم يغادر إلا وهي جثة هامدة بعد أن كانت في أحسن حال قبل ما لا يتجاوز الساعة.. ولم أتوقع أنني سأعيش نفس التفاصيل المرعبة حين “غرتني” الأسماء الفضفاضة واتجهت بأخي عبدالواحد إلى المستشفى اليمني الألماني وهو يتكلم يبتسم ويمازح بعد أن تبين انه يعاني من بداية جلطة قلبية لم نشعره بها حتى لا يتأثر وأدخلوه العناية المركزة فرفض دخولها وأقنعناه ورغم أننا بدأنا مشوارنا في ذلك المشفى بدفع مئات الآلاف وفي لحظات مجنونة إلا أن الطبيب المختص ظل غائبا والطبيب المناوب يتواصل معه تلفونيا ليقرأ له نتائج الفحوصات وهو يحدد له ما يفعله دون أي اهتمام بأمانة المهنة وضرورة الحضور ومشاهدة المريض حتى وهم يجنون مقابل ذلك مبالغ باهظة.. وتخيلوا أن الطبيب المختص يحدد العلاج بالتلفون في وقت ذهبي بالنسبة لهم يستغلون فيه عاطفة أهل المريض  ونحن لم نجد أمامنا إلا أن نسرع في شراء”حقنة” بمبلغ أربعمائة وثمانين ألف ريال”ومن نفس المشفى بعد أن وضعونا أمام خيارات لحقن أخرى أقل ثمنا فاخترنا الأغلى لأنهم أكدوا نتيجتها المضمونة في إذابة التجلط.. وفي اليوم الثاني قالوا لنا “الحقنة” لم تجد نفعا.. ولم يخبرونا بأنه يحتاج لعملية توسيع شرايين فتركوه دون أي إحساس يواجه لحظات الخطورة إلى أن جاء أخي الدكتور عبدالله ومعه أطباء استشاريون في القلب اقروا سرعة إجراء العملية التي كان يفترض أن تتم منذ دخوله المستشفى فاكتشفنا أن الجهاز الخاص بالقسطرة لا يعمل  في الألماني وعرفنا حينها لماذا لم يتكلموا عن العملية حتى في اليوم الثاني ولا تستغربوا إننا تواصلنا مع استشاريين كبار في القلب لإجراء القسطرة ومنهم من تهرب وآخر أعتذر لانه في إجازة الخميس رغم أننا أبدينا استعدادنا أن تجرى القسطرة في أي مستشفى يحدده.. فنقلناه سريعا إلى مشفى “الثورة”  وقمنا بتوفير ثلاث دعامات قيمة الواحدة2000دولار لأن المشفى كما قيل لنا “مفلس” مع كل ذلك توقف القلب بعد أن أكد الطبيب بأن الجلطة”كبيرة” !
> أي مستشفيات هذه التي تتعامل مع أرواح البشر وحياة الناس على أساس الربح فورا والمنفعة أولا وكأنها أمام بضاعة تحكمها نظرية هل من مزيد وتجارة الأولوية فيها للكسب ولو على حساب الشعور النبيل والتعامل الديني الأخلاقي والمهنية الطبية وقدسية التعامل الإنساني لا الابتزازي والاسترزاقي.. وكيف سيكون الحال مع من يصعب عليه توفير مائة ألف فكيف بمئات ومليون وأكثر!
> وإذا ما كان الطب لدينا سببا كافيا لضيق الصدر وهم النفس وتصلب الشرايين ومداهمة الج

قد يعجبك ايضا